رؤيتنا لتركيا الجديدة

أمتنا ولأول مرةٍ تقوم بانتخاب رئيس الجمهورية الذي يمثل الأمة ودولة الجمهورية التركية بنفسها. وهذا حدثٌ تاريخيٌّ.
هذا الانتخاب التاريخي هو ثورةٌ ستقوم بتحويل كل المجالات من وظائف المؤسسات في الدستور، والسلم الاجتماعي، وصولاً إلى الدور السياسي لتركية في العالم.
الوضع الراهن لأمتنا، وعلى الرغم من الهياكل النخبوية والوصائية والأحزاب السياسية التي تدعم ذلك، فإنها قد وضعت وقررت في كل وقتٍ إرادة التغيير بأغلبية كبيرة وقد استمرت بذلك.
هذا الانتخاب، مع التغيير، والديمقراطية، والانفتاح، والازدهار سيكون انتخاباً بين بؤر الوصاية والانغلاق والاقتصاد وحكم الأقلية.
أمتنا وكما هي دائماً ستكون هي من تملك إرادتها ومستقبلها ووحدتها.
نحن منذ عام 2002 نقوم بجرأة وباستقرار بحل المشاكل الأساسية لتركية. ومع بناء تركية باقتصاد مستقر ومتنامي، ومع مسار سمعتها السياسية الخارجية، وحقوق الإنسان، والديمقراطية، فإننا نقوم بخطوات تاريخية.
لقد قمنا بتحقيق إصلاحات كثيرة مهمة في مجالات كثيرة، من الصحة إلى التعليم، ومن الإسكان العام إلى المواصلات، ومن الاقتصاد إلى السياسات الاجتماعية، ومن الطاقة إلى الصناعة، ومن الحقوق الأساسية والحريات إلى نظام الحكم، ومن الإدارة المحلية إلى البيئة، ومن نظام الأمن الاجتماعي إلى إنقاص الفقر.
لقد شهدت الديمقراطية والاستقرار، والأمن والازدهار، والحياة النوعية في مجالات الحياة في القرن الأخير انفراجاً كبيراً.
نحن وبالاستناد إلى التغيير والتحول، وعلى أساس تحركنا بازدهار وديمقراطية وحرية أكبر، قمنا في الأعوام الـ 12 بفتح مسارات في الميادين الأربعة:
•          التحول الديمقراطي
•          الازدهار
•          التمدن
•          العلاقات الدولية
التحول الكبير الأول كان في الديمقراطية. ودولتنا اليوم بالنسبة لما قبل 12 عاماً هي أكثر ديمقراطية. وعلى الرغم من كل أشكال المعيقات لم نقم بأي تنازلاتٍ نحو الديمقراطية. قمنا بتصفية المفاهيم الوصائية وبنيتها التي تتحكم بالإدارة الوطنية، وما زلنا نقوم بذلك. إن سيادة القانون، وحقوق المواطن، والتعددية واستمرار إيجاد الحلول، وعمل المؤسسات بديمقراطية بحسب ما كانت عليه في الماضي، ومبدأ كون الإنسان هو الأساس في الدولة، وتحقيق وجود الدولة كخادم في كل المجالات جعلت الديمقراطية تنتقل إلى مرحلة أخرى.
إن ازدياد الازدهار وانتشاره هو النجاح الثاني الذي تم إنجازه. لقد قمنا بوضع حد للعقلية التي جعلت أمتنا تعيش الحرمان في كل المجالات من التعليم إلى الصحة، ومن المواصلات إلى البيئة، ومن الطاقة إلى الدفاع. إن تركية اليوم أصبحت ثرية ومزدهرة أضعافاً مضاعفة. كما قمنا بأعمال كبيرة في كل المجالات باتجاه نشر الازدهار في مجتمعنا من خفض الديون الوطنية والتضخم إلى الأمن والدعم الاجتماعي.
التحول الثالث كان في مدننا. إن كل من ينظر إلى أمتنا يعلم أننا وضعنا نهاية لمفهوم النخبوية، وحرمان الخدمات والرفاه لأمتنا في المدن، لقد قمنا بإعادة البلديات إلى وحدات تعمل بشكل فعال وسريع ومسؤول وضمن نطاق معين. وبتزويد مدننا بالمشافي والطرقات والحدائق والمدارس، وقمنا برفع مستوى معيشة المواطن. وقمنا بتقوية الديمقراطية المحلية. لقد  ظهرت من جديد المعالم التاريخية لمدننا مع جهودنا الرامية إلى إعادة إنشائها من جديد. لقد عادت مدننا اليوم إلى وضع أجمل وأكثر صحة ومدنية وخضرة، وإلى أماكن عيشٍ أفضل. إن الخدمات البلدية اليوم في سباقٍ لإيصالها إلى المواطن بأفضل أسلوب وآخر تكنولوجيا متطورة.
التحول الرابع كان في العلاقات الدولية. إن دولتنا ومواطنونا الآن هم في موقع أفضل وقيمة أكثر بالنسبة للمجال العالمي. إن اسم دولتنا لا يضاف فقط إلى المنطقة بل إنها تُذكر بالمحبة والخشوع والسمعة في مساحة جغرافية واسعة من العالم.
وتركية لم تبق في دوامة أزمة القلق السياسي والاقتصادي، بل بلداً ينظر إليها برؤية الأمان القادم.
وتركية لم تعد من البلدان التي يُحْرَم فيها الناس في مختلف المجالات، من الصحة إلى التعليم، ومن المواصلات إلى الإسكان، ومن العدالة إلى الأمن، بل هي بلد لأناس يتمتعون بخدمات نوعية .
وتركية لم تعد تعيش كل صباح مع الخوف من أن تكون تحت تأثير أزمة أو انقلاب، بل هي بلد لأناس ينظرون إليها على أنها الأمان المستقبلي لأبنائهم وبلدهم.
وتركيا لم تعد بلداً يأخذ المساعدات، بل بلداً يقدم المساعدات. ولم تعد بلداً مقلداً تابعاً، بل بلداً نموذجاً يحتذى.
وتركيا لم تعد بلدا يُطْرَدُ فيها الناس من أبواب دوائر الدولة والمدارس بسبب الاعتقاد أو اللباس، بل بلداً يعيش فيها الناس من مختلف أنماط الحياة والاعتقاد والهوية؛ بحريةٍ.
 
ومواطننا أصبح أكثر رفاهية ......وأكثر حرية.......وأكثر احتراماً......وأكثر أماناً......وأكثر أملاً.......
وعام 2023 الذي يوافق المئوية الأولى للجمهورية يشكل هدفاً كبيراً لأمتنا. يجب أن نصل إلى مستوى أعلى تستحقها أمتنا في السياسة والاقتصاد والعلم ونوعية الحياة. جهودنا وعملنا من أجل هذا الهدف الكبير.
ولأن انتخابات رئاسة الجمهورية ستكون من خلال الإرادة الوطنية؛ فإن بلدنا سيمر بمرحلة تاريخية.
إن الإرادة والرغبة في التغيير التي أرادت أمتنا أن تُريه في 12 سنة الأخيرة، هي القوة التي ستدفع هذه المرحلة. وعلى الرغم من كل التحريض، والتآمر، والهجوم الذي تعرضت له أمتنا، فإنها كانت صاحبة الإرادة والتجلي في البرلمان، فقد اعتمدت على الإصلاحات التي تمت، ودعمت بالقوة حركات التحول والتغيير.
وبمقابل ذلك قامت بالرد بشكل متكرر عبر صناديق الاقتراع لكل الذين ليس لديهم ما يقولونه من أجل أمتنا ولا من أجل دولتنا، وللذين كانوا ضد التحول والتغيير، والمؤيدين للوضع الراهن، وحتى الذين يَرون ويُرَون ذلك تهديداً.
إن أمتنا تزيد من قوة إرادة التحول وهي مستمرة في ذلك. وهي التي أعطت القرار بانتخاب رئيس الجمهورية من قبلها وذلك عام 2007 رغم المعارضة. وبذلك اكتسبت مفهوم مختلف في انتخابات رئاسة الجمهورية في 10 آب 2014.
وبعملية الإصلاح المستمرة بالأمن والاستقرار في 12 سنة الأخيرة، فإن أمتنا تطالب بوصولها إلى أعلى المستويات. وهذه الانتخابات ستكون تعبير عن هذا القرار.
رؤيتنا لتركيا الجديدة تضيف إلى هذه النجاحات الكثير من الأهداف. ولم تعد فقط في الديمقراطية والازدهار والتمدن والعلاقات الدولية، بل يجب تسجيل مراحل جديدة نحو أهداف 2023.
يجب القيام بأعمال من أجل إزالة الحرمان الذي ظل في الخلف من جهة، وتسليط الضوء على الجودة والجمال من جهة أخرى. ويجب الدفع للأمام الجودة والجمال في كل مجال وفي كل مكان، من الإسكان إلى تعمير المدن، ومن التعليم إلى الصحة، ومن الثقافة إلى المواصلات.
ويجب أن نضع منظوراً في الميزان العالمي. ويجب أن لا نضع حدود لإفرازنا الحضاري ضمن حدودنا السياسية. ويجب أن نكون منفتحين على العالم بالميزان الحضاري الكبير، وبالتعددية والتسامح. إن كل إنسان وكل بلد وكل جمال هو صديق لنا. ويجب أن ننشئ الإنسان على هذا. يجب أن نوسع أفق الرؤية المدنية لرجال الأعمال والحرفيين والبيروقراطيين والدبلوماسيين والمعلمين والأكاديميين. وكما أننا نجحنا في التعددية سابقاً، يجب أن تكون تركية مساهمة في التعددية في العالم مستقبلاً ويجب تبديل الميراث الحضاري الفكري والحرفي وعالم الأعمال إلى رؤية جديدة.
هدفنا في عام 2023 في الذكرى 100 لجمهوريتنا هو الوصول إلى الأهداف الأساسية التالية:
•          تطوير الديمقراطية بشكل أكبر
•          تحقيق التطبيع السياسي والاجتماعي
•          رفع مستوى الرفاه الاجتماعي
•          الدخول بين الدول المتقدمة في العالم
ومع السلطة التي أخذناها من أمتنا فإننا سنحقق في عيد المئوية لجمهوريتنا، تركية ديمقراطية، قوية، غنية ومتطورة.
إن استمرار إنشاء تركيا الجديدة التي بدأت باستلام حزب العدالة والتنمية منذ 12 عاماً، فإنها سوف تصل معاً إلى ألمع فترة مع انتخابات الشعب لرئاسة الجمهورية.
 إن بناء المستقبل يتحقق بإنشاء حزمة صحية وواقعية للماضي. نحن نحمل ماضينا ككل. ونحن نقوم على أرضية معرفة أنفسنا بإيجابياتها وسلبياتها والتعريف بأنفسنا من جديد. هذه الأرضية المتينة لامتدادنا للمستقبل، وتقوية إرادتنا مع بناء المستقبل مع الآخرين سوياً، تشكل أيضاً ضمانات في المعالجة بالنسبة لمجتمعات أخرى.
الجمهورية هي قطعة لا يمكنها الانفصال عن هذا التاريخ الكبير. نحن نعلم أن جمهوريتنا المنغلقة تم إنشاؤها في عالم تسيطر عليه البحث عن التجانس والتسلسل. أما في يومنا هذا فإن الديناميكية السياسية قد تغيرت تماماً، ونحن الآن في عالم الانفتاح والندية والتعددية. تركيا الجديدة سوف تستمر بمسار أقوى مع هذه الأرضية.
كلنا قادمون من مجتمعات عثمانية مختلفة عاشت جنباً إلى جنب معاً. الذي عمل في الاختلافات المتعددة في بوتقة واحدة إلى مفهوم واحد، وذلك في القرن 20، وكل المشاكل التي تم وضعها أمامنا أصبحت خلفنا. ينتشر الوعي بان الاختلافات هي ثورة وليست ضعف ويكفي أن نعطي لهذه الاختلافات احتراماً. ويجب أن يعرف قيمة هذا التنوع.
المستقبل يقوم بدعوة تصور لحضارة متعددة الوظائف والثقافات. ونحن واعين لهذا. نحن نطلب من التاريخ أن يعرض لنا كل أنواع الأعمال والازدهار الإيجابية.
 
 
تصوراتنا من أجل العيد 100 لجمهوريتنا في عام 2023،
هي رؤية تركيا الجديدة
رؤيتنا لتركيا الجديدة مع هذا الإعلان نقوم بمشاطرته مع أمتنا. هذه الوثيقة هي وثيقة لكيفية رؤيتنا، لإدارة الدولة في مسار 2023، وللسياسة، وللعالم. هذه الوثيقة وهي بنفس الوقت تعبير عن مُثُلِنا، وتوقعاتنا، وأهدافنا. في هذه الوثيقة تَخَيُّلُنا كيف ستكون البلد، وكيف سيكون رسم المستقبل، ونريد مشاركته مع أمتنا.
تركيا الجديدة سوف تتقدم إلى أهدافها دون تعب وبعزيمة وإصرار. وسوف نحقق تركية جديدة مثالية جنباً إلى جنب، وروحاً مع روح، مع كل مواطنينا سوياً، ومع أمتنا، من أي رؤية سياسية ومن أي هوية عرقية أو دينية أو اجتماعية أتت.
تركيا الجديدة هي تركية المتسالمة مع أمة الدولة والتاريخ والجغرافيا. وهي غير بعيدة عن تاريخها وثقافتها ولغتها وجغرافيتها، بل على العكس فأننا نقوم بإنشاء تركية تستمد من ذلك القوة، وتشعر من كل ذلك بالفخر.
تركيا الجديدة هي تركية التي كبرت وتطورت وأصبحت قوية.
تركيا الجديدة هي تركية التي حوت مجتمعنا بشكل أكثر تعدداً واختلافاً.
تركيا الجديدة هي التي ارتقت من خلال الديمقراطية، والاستقرار السياسي، والنمو الاقتصادي، والازدهار الاجتماعي.
تركيا الجديدة هي دولة في العالم تشعر بالفخر بكل إنسان يصبح مواطناً فيها.
 
تركيا الجديدة ستصبح تركية رائدة أكثر انفتاحاً، وأكثر شفافية.
تركيا الجديدة ستصبح خادماً أكثر للسلام الإقليمي والعالمي، وللعدالة والإنصاف.
تركيا الجديدة هي تركية التي تعطي وعوداً للعالم، والتي تتحرك وفق المقياس العالمي.
تركيا الجديدة هي تركية التي ستصبح في القيادة بإرادتها وصناعتها وعلمها.
تركيا الجديدة هي تركية التي ستصبح من يقوم بالأعمال ومن تأتي بثوابت وخطوات جديدة في كل المجالات من التعليم إلى الثقافة، ومن الطاقة إلى المواصلات، ومن الصحة إلى البيئة.
تركيا الجديدة هي تركية التي ستصبح كأحد العلامات التجارية العالمية من الصناعة إلى الرياضة، ومن العلم إلى التصدير.
تركيا الجديدة هي تركية التي ستصبح مركز جذب في التمويل والصحة والتعليم، والثقافة.
تركيا الجديدة هي تركية التي ستصبح مركز الحضارة الحديثة مع مختلف فروقاتها، ومع أناسها المحبين لبعضهم البعض، والمتكاتفين معاً، والواثقين بها، الفاضلين، والمسؤولين والأحرار.
تركيا الجديدة ستصبح تركيا الرائدة والعظيمة...

الإدارة الديمقراطية

2.1 مفهومنا  للديموقراطية
عند إنشاء الجمهورية التركية كان الهدف هو الصعود للحضارة المعاصرة، والهيمنة على الحكم من خلال إرادة الشعب. وقد أصبح هناك فترات غريبة عن هذا الهدف خلال 91 عاماً من تاريخنا، أصبح هناك من لا يأتمن على الشعب، أصبح هناك من يتعامل بنخبوية، وأصبح هناك من ينظر للشعب نظرة فوقية.
في النقطة التي وصلنا إليها في يومنا هذا، ورؤيتنا لتصفية هذا النوع من مفهوم النخبوية وبمستوى مهم، فإننا نشعر بالفخر والسرور لأننا جزء من المفهوم السياسي الذي يستند على الأمة لتحقيق هذه التصفية .الهدف الرئيسي لسياستنا من مفهوم هو سعادة الإنسان وراحته وازدهاره.
لأننا نعتقد أننا أول من قام بتشكيل روح فلسفة الدولة التي تقول "اجعل الإنسان يعيش لكي تعيش الدولة" هذه الرؤية الديمقراطية هي أن الدولة ليست هي سيدة الأمة إنما هي وسيلة لخدمة هذه الأمة. إن رؤيتنا الديمقراطية في التعددية والحرية تستلزم إنشاء أرضية من أجل التعبير بحرية للأقسام المختلفة للمجتمع والأفراد بكل اتجاهاتها.
نحن نرى الديمقراطية على أنها إسهام الشعب بأبعاد واسعة في التطوير اللازم والمستمر على الدوام. الديمقراطية هي تمثيل للشعب وهي نموذج مثالي من أجل قوة وازدهار البلد أيضاً.
الديمقراطية بالنسبة لنا هو نظام لا يتحكم فيه الأكثرية بالأقلية ولا الأقلية بالأكثرية. الديمقراطية بالنسبة لنا وبمفهوم التعددية وعملية اتخاذ القرار، وفي كل أنواع الأعمال والمعاملات في معايير القانون الدولي، ورصدها في معايير إيجابية، هو نظام يلعب دوراً إيجابياً في المنظمات والقطاعات المستقلة والمدنية مثل منظمات المجتمع المدني، والإعلام، وقادة الرأي والمنظمات الحرفية.
لقد بدأنا بأكبر عملية نشر للديمقراطية في تاريخ تركية لقد قمنا بكفاح عظيم من أجل مفهوم المثالية والعمل لكل القواعد والمؤسسات الديمقراطية ومن أجل إعطائها أولوية ولكي تكون ملائمة لكل أقسام المجتمع المتعدد. وبكسرنا لمفهوم الوصائية عكسنا قدر المستطاع إرادة الشعب في المؤسسات والمنظمات.
نحن نهدف في مسارنا إلى عام 2023 إلى تركية ديمقراطية متقدمة ومن البلاد التي لها ثوابت ديمقراطية.والجهود التي بذلناها في هذه الغاية حتى يومنا هذا يجب أن تزيدها أيضاً. ليس فقط كممثل للسياسة، بل يجب أن نقوم بالتوقيع على الإصلاحات الحقيقية لتكون السياسة مساهمة بشكل فاعل.
الديمقراطية ليست فقط طريقة سياسية، بل يجب أن تكون كثقافة سائدة في كل مجالات حياتنا.
بالنسبة لمؤسسة الحزب السياسي يجب عليها أن تكون مؤمنة بأن الحرية هي المهيمنة على زيادة الديمقراطية داخل الحزب وفي تنظيم الأحزاب وتجهيز برامج ودساتير هذه الأحزاب. يجب أن نقوم بتوسيع مجال السياسة  وحريتها وذلك بتغيير سَن الأحكام والدستور الأساسي المانع والمقيد.
في مسار 2023 يجب أن نعطي نهاية لتنظيم الأحكام التي تدفع لتشكيل هذه الأنواع من الأحزاب السياسية. وبدلاً من ذلك يجب أن نهدف إلى تحقيق تنظيم الأحكام بأرضية تسمح بتشكيل الأحزاب السياسية بشكل ديمقراطي وحر وأن تكون منظمة وضامنة لحقوق الدعاية.
يجب إجراء ترتيب الأحكام اللازمة من أجل تحقيق التمثيل الديمقراطي بأعلى مستوى والارتقاء بالثوابت الديمقراطية، والتقارب بين الأمة وممثليها في البرلمان، والتعرف عن قرب للذين تم اختيارهم وتسهيل إنشاء الاتصالات بهم.
في مسار 2023 هدفنا هو وجوب توسيع الحقوق الأساسية والحريات في كل المجالات وبمقياس عالمي. أن تكون علاقة المواطن بالدولة أفضل هو شيء مهم جداً. وبتوسيع معنى الحرية بأوسع شكل والحقوق التي هي جزء من الإنسان لا يمكن فصله عنها بأي شكل مثل حرية الإيمان والاعتقاد وعلى رأسها حق الحياة، يجب أن نضع نموذجاً مثالياً في العالم للسلام مع الذات وتوسيع السلام الداخلي.
يجب علينا الاستمرار في متابعة سياسة التسامح والتصدي لكل أنواع انتهاكات حقوق الإنسان. يجب العمل على إنشاء آليات فعالة أكثر من أجل وضع نهاية لكل أنواع انتهاكات حقوق الإنسان، والتمييز والاستبعاد.
 
2.2 مفهومنا للإدارة
مفهومنا في الإدارة يعتمد على الأمن واحترام الشعب.
نحن نعتقد أن الذي يمثل الأمة يصدقها. إدارة الأمة بالنسبة لنا هو أكبر ضمان، وأكبر مصدر للقوة. الخاصية الأهم للديمقراطية هي تجلي إرادة الأمة ودوامها دون أي نقص. ونحن لمواجهة كل أنواع الوصاية كنا وسنكون بجانب الديمقراطية.
مفهومنا في الإدارة هي مركزية الأمة.
بالنسبة لنا كل فرد من هذه الأمة له قيمة. ونحن لم ننظر أبداً إلى شعبنا بنظرة تمييزية. أخذنا الاتحاد والوحدة وإرادة الأمة كأساس. لم نجعل الاختلافات على أنها ضعف بل جعلناها قوة وروابط. للذين قسموا الأمة وأنكروها، وأداروا ظهورهم لها.
بوجهة نظر غريبة، كان جوابنا وموقفنا بأن الأمة هي أعلى شيء.
مفهومنا في الإدارة يستند إلى ثقافة التصالح.
يمكن الحديث عن الاختلافات الاجتماعية والثقافية في المجالات السياسية فقط من خلال ثقافة التصالح.
بالنسبة لنا الثقافة السياسية الفاعلة لإدارة الدولة بدلاً من أن تستند إلى الصراع والتكتل والاستقطاب فإنها تستند إلى الاندماج والتسامح. إن الحياة السياسية التركية والتي تم عيشها لعشرات السنين والتي جلبت التوترات ما بين الدين والسياسة، الدين والدولة، التقليد والحداثة، قمنا ولا زلنا نقوم بإزالتها واحدة تلو الأخرى. لقد قمنا ولا زلنا نقوم بجرأة وبقرار بمكافحة من يعمل ويحاول بشتى الوسائل على تقييد الإرادة الوطنية بحدود محددة، ويقوم بالتقارب نحو الأمة من منطلق غريب.
مفهومنا في الإدارة هو العمل بسياسة الوحدة التي تعتمد على التصالح ومعرفة الاختلافات. منذ عام 2002 كنا إلى جانب كل فرد منا يتم العمل على ورفضه واحتوائه وتجاهل هويته.لقد قمنا دائماً بتوسيع الحريات الشخصية، والحقوق، ودولة الحقوق، والديمقراطية في خدمة أمتنا. وقفنا ضد حركات التفريق والعزلة والتنفير وسنكون كذلك. دولتنا الديمقراطية تعتمد على مفهوم التعدد ضمن الوحدة والوحدة ضمن التعدد.
مفهومنا في الإدارة هي النقطة التي يتم فيها التلاقي بين أشخاص لهم قيمة أتوا من خطوط سياسية مختلفة من خلال أسلوب سياسي واضح. سوف ننقل إلى المراحل الجديدة رؤيتنا السياسية الموحدة والمحتضنة وعلى العكس تماماً غير المفرقة، وغير المميزة، وغير المنفرة. أي إصلاحات بدأناها في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية منذ عام 2002 لم نقم بها من أجل أحد في المجتمع. بل قمنا بها من أجل المصالح العامة لأمتنا ومن أجل مستقبل قوي ولامع. وبذلك قمنا برفع شأن تركية كما أننا ضمنا وحدتها و توحدها.
مفهومنا في الإدارة هو ضد أي نوع من أنواع الوصاية القديمة والحديثة.
لقد رأينا أن النظرة الاستبدادية والشمولية هي عدو لسياسة الديمقراطية. ولم نعط إذن لإجراء مؤامرة غير ديمقراطية للإرادة الوطنية.
اللازم في دولة القانون، إيماننا مع الحكم السياسي لزوم تحديد كل المؤسسات التي تعتمد قيمة عالمية ومع تحديد القواعد والقوانين الإيجابية. ويجب عدم نسيان أن مصدر شرعية دولتنا هي من إرادة أمتنا. بالنسبة لنا ليست الدولة من تملي على الأمة بل هي وسيلة من أجل تحقيق إرادة هذه الأمة. ولكن الذي يثق بأمته، وثقة الأمة بالدولة التي تحمل الكل ماضياً وحاضراً ومستقبلاً هي الدولة التي يمكن أن تكون قوية.
مفهومنا في الإدارة هو المفهوم الإصلاحي المستقر في المحاور.  الديمقراطية المحلية للدولة ومؤسساتها وعملياتها. مفهومنا في الإدارة يعتمد على أن يكون مبدئي وثابت.
وامتلاكنا كأمة للقيم والمبادئ والتقاليد فقد بقينا صادقين لشعار"هناك ميناء واحد للسياسة، ألا وهو الأخلاق"
مفهومنا في الإدارة هو أخذ الديناميكية والتغيير كأساس وليس النمطية والسكون. ومن أجل ذلك فقد بدأنا منذ عام 2002 بأكبر حملة تغيير وعودة في تاريخ جمهوريتنا.
مفهومنا في الإدارة هو مفهوم الرقي في التفكير. نحن وضعنا الحلول الحقيقية للمشاكل التي تعيشها أمتنا في حياتها اليومية من الصحة إلى التعليم، ومن المواصلات إلى الزراعة، ومن الطاقة إلى الصناعات. قمنا بمكافحة ناجحة للعصابات والهياكل غير الشرعية. ومثال على ذلك مسألة الأرمن وهي من مشاكل قبرص، فقد سجلنا تطور في مواضيع مهمة من الانفتاح الديمقراطي إلى العلاقات العسكريةـ المدنية. وعند حلنا للمشاكل الفردية لم يغب عن رؤيتنا عموم الصورة.
 
مفهومنا في الإدارة هو التوجه نحو الحل. لقد قمنا بتدقيق كل نظام السياسة في تركية، المؤسسة السياسية ليست مشكلة، لقد أتينا بها إلى ساحة الحلول.
ومع مفهومنا لمنحى الحلول قمنا بثورة صامتة من أجل توسيع مجال السياسة وزيادة فعالية المؤسسة السياسية وزيادة قوتها والأمان بها.
وبديمقراطية قوية تعني أمة قوية، والأمة القوية تعني دولة قوية. لأن الديمقراطية هو نموذج سياسي يقوم على حل كل مشاكل الأمة وينقل كل طلباتها دون عقبات، ويعطي قيمة للبرلمان وللحكومة التي لها صلاحيات حل المشاكل.
منذ عام 2002 نقوم على العمل لجعل السياسة التركية طبيعية وذلك في المحور الديمقراطي وإرادة الأمة. وقد قمنا في هذا الاتجاه بإصلاح قوانين مهمة . لقد قمنا بخطوات مهمة وكبيرة في اتجاه سيادة القانون،  وتوسيع حقوق الإنسان والديمقراطية، والوصول إلى الثوابت العالمية، وتوسيع مجالات الحرية السياسية في هذا الميدان.
في مسار 2023 سوف نقوم على تقوية ديمقراطيتنا. وسوف نطور أرضية السياسة الديمقراطية، ومجال التعددية، وثقافة التصالح. وبوضعنا جانباً البقايا الموازية والوصائية والأنماط الأحادية القديمة، فإن الإصلاحات في مجالات الديمقراطية والحريات التي بدأناها سوف نعمل على إيصالها لأعلى مستوى.
وسوف ننمي أكثر وحدة أمتنا وأُخُوَتِنا ووِئامنا الاجتماعي. وسوف نستمر بالوقوف منتصبين أمام من يعملون على تفريق الأمة وإجراء التوترات المصطنعة.
نحن نخاطب الأمة. نحن نخاطب المستقبل. نحن خلف المستقبل.أساسنا هو الوحدة.
خميرتنا هي الوحدة. نحن خلف الوحدة.
نداؤنا هو دعوة للبناء. نحن خلف البناء.         
دعوتنا هي التعددية، وهي دعوة ديمقراطية في المساواة والتشاركية. نحن خلف الديمقراطية.
كل مواطن وكل إنسان هو جزء من هذه العملية وشريكنا في المصير، وشريكنا في المستقبل، وشريكنا في القوة.
نحن نحتضن حركة وضع الحجر فوق الحجر، ولا نقوم برفض أحد.
إن كل مواطن في هذا البلد سواء كان من دين أو مذهب و فرد ينتمي إلى أصل عرقي مختلف أو اعتقاد مختلف فهو بالنسبة لنا سواء، وهو المالك الحقيقي لهذا البلد. القاسم المشترك النهائي هو الانتماء إلى المواطنة. نحن مع كل من يبحث ويستوعب حداثته وتغييره وتحوله، وليس ماضيه، ورجوعه، ووضعه الراهن. ونحن مع كل من يملك تركية المستقبل.
وسوف نسير معاً في طريق زيادة قوة تركيا الجديدة.
من أجل تركيا الجديدة هناك ثلاثة أسس تعتمد عليها:
•          سياسة ديمقراطية
•          مجتمع منفتح
•          دولة القانون
 
 
 
2.3 التحول السياسي
نحن لدينا أساسين بالنسبة للنهج المتعلق بالتغيير: التطور ضمن الاستقرار، والتغيير مع حفظ المكتسبات.
تراث الجمهورية هو تراثنا. ولكن هذه الأخطاء التي جرت من فترة لأخرى لا تأتي بمعنى تأكيد الأخطاء والأضرار التي طبقت.
جمهوريتنا لم ينشئها حزب واحد بل الأمة. وجمهوريتنا لا يملكها حزب واحد بل الأمة. ولكي نفهم ذلك يكفي أن ننظر إلى البرلمان الأول. ومثال على ذلك فإن الكثير من نواحي دستور عام 1921 راعت بهياكلها وحدة الدولة والمجتمع. وبامتلاكنا تراث الجمهورية الإيجابي، يجب علينا الاستمرار في تطوير ديمقراطيتنا لأعلى مستوى من الثوابت العالمية.
هناك تحول ناحج لبلدنا في الفترة الأخيرة وهي بصدد تشكيل أرضية من أجل خطوات جديدة متقدمة أكثر. وهي بصدد تحقيق تغيير سياسي واجتماعي وبالطبع تحقيق تحول في الهياكل السياسية والبيروقراطية والاقتصادية والثقافية.
نحن هدفنا هو الجلوس على أرضية العلاقات اللازمة (والتي ضعفت وانقطعت) ما بين الأمة والدولة، وما بين الهوية والدولة.
ومن أجل ذلك كدولة يجب تحقيق ثلاث أفكار:
•          التحول السياسي .
•          التكامل الاجتماعي.
•          التحول المؤسسي.
الديمقراطية والأمن هما النقطتان المشتركتان لكل هذه التحولات. أن تعيش الحرية وأن تجعل الغير يعيشها ضمن الأمن والأمان تحتاج إلى وجودها ضمن النطاق المؤسسي.
 
 
 خطونا خطوات مهمة في مجال التحول السياسي. إن الدولة التي كانت سابقاً على الشكل البيروقراطي والنخبوي.قد أصبحت تتحول بالمفهوم الديمقراطي السريع إلى الدولة التي هي وسيلة لخدمة الأمة.
الدولة في المرحلة الجديدة تستخدم صلاحياتها ومصادرها من أجل أن تعكس إرادة الأمة، وأصبحت صافية وشفافة لكي تستطيع الأمة رؤيتها.
التكامل الاجتماعي هو مجال التحول الثاني. مستويات التمدن والتعليم الذي ارتفع، والازدهار هم من سيقومون بتحويل مجتمعنا. ولذلك فإن الفعاليات التي أظهرتها هذه العملية اللازمة، سوف تجعل فروقات المجتمع المدني في الهوية والطلبات متوافقة، ويلزم لذلك التحول الاجتماعي الذي يحقق هدف اشتراك ووحدة الأمة. وجود الأسس في كل المجتمعات المدنية شيء أساسي من أجل حق الحفاظ على أسلوب حياتهم.
التحول المؤسسي هي مرحلة حرجة من أجل تحقيق هذان التحولان. كلما عاش بلدنا التغيير والتحول، فإن مؤسسات الدولة أيضاً ينبغي أن تدخل توقعات المجتمع وتطوره وإرادته إلى التحول المتناسق.
لقد ظهرت في الفترة الأخيرة الجهات الفاعلة التي عملت على بقاء الوصاية القديمة. الهياكل الموازية وبعض العناصر الحاكمة والشرعية السياسية التي تولدت من البرلمان، وبأخذها طريقاً جانبياً، قامت بالعمل على فتح مجال وصاية جديدة. في الفترة القريبة وللأسف نتيجة امتثال مؤسسات الدولة لها شهدت أحداث أدت إلى ضعف مسؤولياتها وعملياتها.
 
ما هي الأسباب، لأن أولويتنا كدولة هو وجوب تحقيق التكامل والتوافق في العمليات ما بين مؤسسات الدولة. منصب رئيس الجمهورية هو منصب يمثل الدولة ويمثل تكامل المجتمع أيضاً. إن مهمة ممثلي الشعب ورئيس الجمهورية وهو على رأس الدولة، هي العمل على التوافق والتكامل.
 
 
إن أولويتنا على مسار 2023 مع العمليات والمؤسسات هي تأسيس إدارة عامة عاملة ومعطاءه ومتوافقة وفاعلة. سوف يتم منع الذين يعملون على ابتزاز الإرادة الشعبية وذلك بإنشائهم نظام وصاية جديد بمختلف أنواع الهياكل غير الشرعية وبالقوانين الحالية. سوف يعاقب من يقوم بإهانة ومساس مصالحنا الوطنية. لم نعطي فرصة أبداً للذين يعملون على تعطيل وحدتنا الشعبية وتكاملنا الاجتماعي وهيكلنا الديمقراطي. سوف تكون الإرادة الشعبية في المقدمة.
2.3.1  رئيس الجمهورية من يختاره الشعب
كانت انتخابات رئاسة الجمهورية في تركية مصحوبةً دوماً بالآلام، لأن الذين لا يستمدون مشروعيتهم من الشعب اعتبروا رئاسة الجمهورية مؤسسة وصايةٍ. وعند انتخاب رئيس جمهوريتنا الحادي عشر السيد عبد الله غول قامت مراكز الوصاية مرةً أخرى بوضع عراقيل متنوعةً أمام انتخابه، فلجئوا إلى كل أنواع المؤامرات حتى لا يصبح شخصٌ ينتمي إلى حزب العدالة والتنمية رئيساً للجمهورية. أما نحن فقد خضنا مرةً أخرى نضالاً مع مراكز الوصاية هذه حتى انتخب المجلس رئيس جمهوريته. في هذه الفترة، خطت تركية خطواتٍ هامةً في طريق تطوير الإرادة الشعبية والديمقراطية والرفاهية.
والآن نعبر إلى ما وراء هذه المرحلة. فانتخاب شعبنا للمرة الأولى في تاريخه رئيس جمهوريته بنفسه في الانتخاب المقرر في 10 آب 2014 سيكون تطوراً يحوّل مقام رئاسة الجمهورية وبالتالي ثقافتنا السياسية والديمقراطية، ويعزّز المشروعية، ويحكِّمُ العلاقة بين الشعب والدولة.
سيستعمل رئيس الجمهورية جميع الوسائل والإمكانيات التي يعترف له بها الدستور من أجل تأمين حقوق الإنسان وحماية المشروعية الديمقراطية. إن الوضع الجديد الذي سيسفر عن انتخاب رئيس الجمهورية من قبل الشعب سيوفر الإمكانية لرقابةٍ وتوازنٍ صحيٍّ أكثر.
 
وبانتخاب رئيس الجمهورية من قبل الشعب ستغدو المشاركة السياسية في حالةٍ أكثر قوةً وديمومةً. وستصبح تركيا الجديدة دولةً تكون فيها الإرادة الشعبية هي المحدّدة في علاقات الدولة بالمجتمع، وتسودها الديمقراطية، وتكون فيها علاقة الدولة بالمجتمع سندَها في صلاحياتها ومسؤولياتها وإمكانية محاسبتها.
2.3.2  الدستور الجديد
إن انتخاب الشعب لرئيس الجمهورية كانتخابه للمجلس مرحلةٌ هامةٌ جداً في طريق تطوير الديمقراطية في تركيا الجديدة. والدستور الحالي ليس في وضعٍ وفلسفةٍ يوفر إمكانية هذا التطوير الديمقراطي والتحول الاجتماعي والانفتاحيات التي تحتاج إليها تركيا الجديدة. إن الدستور الحالي لا يناسب النضوج الذي بلغه شعبنا وآماله ومطالبه ومفاهيمه وأهدافه. فالمفاهيم ووسائل الإدارة القديمة لا تناسب تركيا الجديدة.
خاضت تركية حتى الآن تجارب عديدةٍ جداً. فكانت الدساتير كلها، باستثناء الدستور الأول، نتاجاً لإدارة حزبٍ واحدٍ أو انقلاباتٍ. إنه من غير الممكن أن ننكر أن العديد من المشاكل الاجتماعية التي نسعى إلى أن نتخطّاها اليوم تعود جذورها إلى ترجيحات هذا الدستور الخاطئ.
فمجلس 23 نيسان عام 1920 قام بتنظيم أول دستورٍ ديمقراطيٍ، تشاركيٍ، يركز على الإنسان. فهذا الدستور الذي لا يستند على أية تفرقةٍ عرقيةٍ ولا يتضمن أية أيديولوجيةٍ، ويضع إرادة الشعب في مركز العملية السياسية، ويبني توازناً بين المركز والأقاليم؛ كان يحمل طبيعة عقدٍ مجتمعيٍ بكل معنى الكلمة.  فهذا الدستور أنقذ تركية التي كانت مهددة بالانقسام من خلال توحيد جميع الفروق نحو الهدف الواحد في حركةٍ طوعيةٍ.
لكن دستور 1924 والدساتير اللاحقة ابتعد تدريجيا عن روح دستور 1920، فأقصت التطبيقات والنزعات الوصائية إرادة الشعب، وتمت إعادة هيكلة الدولة التي ينبغي أن تقاد وتدار من قبل الشعب، لتصبح دولةً تسيطر على الشعب وتتحكم فيه من جديد. وكلما أراد الشعب أن يظهر نفسه ويقول كلمته؛ حدثت الانقلابات متذرعين بالدستور. واعتبرت الاختلافات عدوّةً. وجرى العمل على خلق مجتمعٍ من نمطٍ واحدٍ، وتمزق مجتمعنا إلى انتماءات سياسية تتحكم فيه.
لا يمكننا الاستمرار مع الدستور الحالي الذي تم تشكيله بالنظرة الوصائية هذه، والتي ترتكز على الدولة. في هذا الإطار، كان اللائحة القانونية المتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية في عام 2007 من قبل الشعب، والاستفتاء الشعبي الذي تم إجراؤه عام 2010، والتحول الديموقراطي في القضاء ولو كان جزئياً؛ مراحل هامةٌ، لكنها ليست كافيةً.
إن الدستور الحالي لا يملك الوسائل الديمقراطية في الرقابة والتوازن، فمنطقه الرئيسي أن تبقى إرادة الشعب تحت رقابة البنى الوصائية، وبنيته المركزية الصارمة تعيق المشاركة. نحن نؤمن بضرورة تجديد هذا الدستور الإقصائي المفروض على المجتمع والقائم على هندسة المجتمع؛ تجديداً تاماً.
تشير التحليلات الأخيرة أن الفرصة التاريخية التي انتهزتها تركية هي فرصةٌ لأن تكون أمينة السلام العالمي؛ فالمجتمع يبني سلامه بنفسه، ويشّكل الدولة بحيث يتوافق مع مطالبه وترجيحاته، ويرسم مستقبله بإرادته الحرة.
هذه الفرصة التاريخية يمكن أن يقدّمها فقط دستورٌ يدير وجهه نحو المستقبل، ويفتح الطريق أمام السلام الاجتماعي وديناميكياته.
فالنضال الذي قام به الشعب طيلة مئة قرنٍ من أجل الديمقراطية بينما يعزز المكتسبات الديمقراطية للجمهورية من جهةٍ، يوفر لنا اليوم من جهةٍ أخرى إمكانية تشكيل دستورٍ ديمقراطيٍ. 
فهناك حاجةٌ لدستورٍ يلبي مطالب شعبنا من الديمقراطية والرفاهية والقوة وتوقعاته وآماله المستقبلية ويعزز شعور الأمان لديه. لا بدّ من تشكيل دستورٍ يخاطب شعور الأمان لدى الشعب ويزوده بالأمن.
فعلى الدستور الجديد أن يكون دستوراً يستجيب على التحديات التي تواجهها تركية، ويجعل ما يمكن أن يظهر من الإمكانيات في خدمة الشعب.
يجب أن يكون الدستور الجديد دستوراً يعكس المفاهيم الديمقراطية الأكثر تقدماً، والذي يتم إعداده بأساليب ديمقراطيةٍ، وتوافق واسعٍ، يحضن جميع شرائح المجتمع. يجب أن يكون الدستور الجديد دستوراً شاملاً لا تهميشياً، حاضناً لا إقصائياً، جامعاً لا مفرقاً، يوفر الحرية ولا يمارس الضغط، يدافع عن الوحدة بالتنوّع لا بالتماثل والتطابق، ينتصر للحرية والتعددية.
نحن نعتقد ونؤمن أن الشعب مصممٌ اليوم على النجاح في ما نجح فيه قبل مئة عامٍ، وعلى جعل تركية الديمقراطية أكثر قوةً على أساس العقد المجتمعي العريق.
 دستورٌ جديدٌ يعني مستقبلٌ جديدٌ. يجب أن يكون الدستور الجديد دستوراً يشارك فيه بالتمام 77 مليون شخصٍ بحريةٍ تامةٍ. يجب عليه أن يستخلص العبر من المحاولات الماضية، ويحافظ على المكتسبات الإيجابية. عندما يأمر الشعب ببناء مؤسسةٍ سياسيةٍ، يتوقع منّا أن نقرأ القرن الحادي والعشرين قراءةً صحيحةً وينتظر منا أن نكون مستعدين لهذا البناء.
 
إن انتخبنا الشعب وأصبحت الرئيس الثاني عشر للجمهورية التركية،؛فسيكون القيام بالخطوات الأولوية اللازمة لإعداد الدستور على هذه الرؤية بين أواويات أعمالنا.
إن تركية الديمقراطية عهدٌ قطعناه على أنفسنا، ليس لتركية اليوم فحسب، بل لتركية الغد وأجيالنا القادمة، وهذه مسؤوليةٌ علينا أن نحمله، وعلينا أن نقوم بهذه المسؤولية سريعاً.
2.4. التكامل الاجتماعي
لم تستطع أصوات المجتمع المختلفة أن تعبّر عن نفسها في المجال السياسي بعد تأسيس الجمهورية حتى انتخابات 1950.
في هذه الانتخابات، اتخذ شعبنا الذي يعارض كل أنواع الممارسات ذات النمط الواحد موقفاً يساند الحريات بأغلبيةٍ ساحقةٍ.
ووقع انقلاب 1960 وتلته سنوات الوصاية العسكرية التي فتحت الطريق دائماً أمام تحريف مطالب المجتمع في التطبيع  إلى مسارات أخرى، وتقييمها على محور الدولة البيروقراطية، بدلاً من تقييمها على محور الدولة الديمقراطية. وتم اعتبار شعبنا على الدوام العنصر "السلبي" أمام الدولة البيروقراطية.
إن الموقف الدولي المتغير بسرعة بين عامي 1990 و2002  ورؤية العالم الجديد المتعدد الأقطاب والمحاور في بلدنا أخذ على عاتقه مطالب التغيير والتطبيع كما هو الحال في بلدان العالم المختلفة. فكان رد فعل الدولة البيروقراطية على مطالب المجتمع هذه هو انقلاب ما بعد الحداثة في 28 شباط. لقد أفسدت ممارسات التفرقة وسياسات الإقصاء وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي؛ تكامل المجتمع ووحدته وشعوره بالانتماء.
لقد خلقت هذه النظرة المتعالية مشاكل كبيرةٍ من شأنها أن تضع الحواجز بين أناسنا الذين ينتمون إلى أديانٍ وعقائد مختلفةٍ، والذين طرحوا أروع تجاربهم في التعايش طيلة ألف عامٍ، وألحقت الأذى بثقافة التعددية. وللأسف! لم تفسد السياسية ذات النمط الواحد تكامل السياسة فحسب، بل أفسدت تكامل المجتمع أيضاً. وتحركنا للقضاء تماماً على هذه المشاكل والتخلص من العقبات التي تقف أمام انعكاس إرادة الشعب من المحيط إلى المركز.
مقارباتنا ليست مقارباتٍ تكبت ثراءنا الاجتماعي، بل هي مقارباتٌ تظهر الصلة التاريخية لكل شريحةٍ وهويةٍ اجتماعيةٍ مع الشرائح الأخرى، وآمالها المستقبلية المشتركة. من أجل هذا، اتبعنا منذ 2002 سياسةً تؤمّن التكامل الاجتماعي، وتجمع بين الفروقات الاجتماعية في ظل الديمقراطية والتعددية.
رفضنا وسنرفض كل أنواع التفرقة الدينية والمذهبية والعرقية والإقليمية التي تقصي هوية الآخرين وحقوقهم.إن انتخبنا الشعب وأصبحنا رئيس الجمهورية الثاني عشر، فسنعزّز أكثر وحدتنا الوطنية وأخوّتنا وانسجامنا الاجتماعي في طريقنا إلى 2023. سنستمر في الوقوف بشموخ أمام الذين يسعون لبث الفرقة في شعبنا من خلال توترات مصطنعة.
في فترة رئاستنا سيقوم المجتمع في تركيا الجديدة بتوطيد ثراء تنوعه واختلافاته وهوياته في إطار الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات، وسيستمر في ذلك.
هدفنا ونحن سائرون في طريقنا إلى 2023 أن نضع في حيز التنفيذ المفهوم الذي يحضن كل أنواع الاختلافات العرقية والمذهبية والإيمانية، ويبلغ بها إلى وعي حياةٍ ديموقراطيةٍ مشتركةٍ قائمةٍ على أساس القيم والمبادئ العالمية.
2.4.1 سياسة الوحدة وعملية الحل
لقد فقد عشرات الآلاف من مواطنينا حياتهم بسبب مشكلة الإرهاب التي استمرت ولا تزال منذ عشرات السنين، وذهبت ثرواتنا الوطنية بمئات المليارات التركية هباءً، وألحقت المخاطر السياسية والاجتماعية فضلاً عن المخاطر الأمنية أضراراً كبيرةً ببلدنا. لم تقتصر السياسيات التي تتجاهل المشكلة وتسعى لكبحها على تعميق المسألة، بل شكّلت تهديداً لوحدتنا وتكاملنا الاجتماعي.
نحن باعتبارنا دولةٌ كبيرةٌ وشعبٌ كبيرٌ لدينا القوة لحل كل مشكلةٍ في إطار القيم الأساسية لحضارتنا ومبادئ الجمهورية الديمقراطية وفي إطار النظام الدستوري بصورةٍ أكثر ديمقراطيةً، وأكثر حقوقاً وطنيةً، وأكثر رفاهيةً. 
إنه من الواضح جداً أن المشاكل المزمنة التي تخلق التوتر في النظام السياسي تستنزف طاقة البلد بأسره، وتهدّد وحدة البلد وتكامله. وتطوير حقوق المواطنين السياسية وحرياتهم، والتخفيف من مشاكل هوياتهم، وفتح قنوات المشاركة السياسية أمام جميع الشرائح، واعتبار المواطنين سواسيةً دون ممارسة تمييز ضد أحدٍ، وتأمين التكامل الإقليمي؛ موضوعٌ هامٌ من حيث تطبيع النظام. وسقوط الجدران القائمة بين الدولة والشعب، وتأمين الترميم الاجتماعي، وتعزيز جو الوحدة والأخوّة، والقضاء على التوترات الحاصلة في البلد؛ يستدعي حل المسائل المتجذرة في الماضي والمحمولة إلى يومنا هذا.
إن حل جميع مشاكل أبناء وطننا الـ 77 مليوناً دون تفريقٍ بين تركيٍّ وكرديٍّ، وبين عَلَوِيٍّ وسُنِّيٍّ، وبين منتسبي الدِّياناتِ المختلفة؛ هو مهمَّةُ الدولة الأساسيّة. فالخطوات التي يتمُّ اتخاذُها في هذا الطريق بمنظور الحلِّ، تحمل أهميةً كبيرةً، ولا بد لها أن تصلَ إلى نتيجةٍ.   
كانت الإصلاحات التي تم إجراؤها من أجل المجموعات العرقية والدينية والمذهبية المختلفة تحت العنوانِ الرئيسيِّ "عملية الانفتاح الديمقراطي والأخوّة والوحدة الوطنية" خطوةً هامةً من أجل تحقيق الديمقراطية والقضاء على الإرهاب.
 
 
كان من الطبيعي أن تشترط عمليَّةُ الانفتاح الديمقراطي تغييرَ المنهج والمفهوم، كانت المفاهيم الواقعية تَحُطُّها إلى مفهوم الدولة القومية وحيدة النمط، والإقصائية، والمنكِرَة، والمفرِّقَة. وهذا المفهوم لا يثري ميزة الهويّات والانتماءات التي يملكها المواطنون، بل يهدِّدُها. وهذا الوضع كان يؤمّن تراكم الطاقة ضد النظام.
إن تغيير المنهج والفكر  يحمل أهميةً كبيرةً بقدر ما يحمل تغيير الإدارة من الأهمية. وتغيير الفكر الذي يعمِّقُ المشكلة هامةٌ بقدر أهمية تناول المشكلة من زاوية السياسات الأمنية بأبعادها المتعددة  جداً.
في هذا الإطار، تم حمل أهداف التخلف واللامبالاة المناطقية، والإقصاء والتفرقة على مستوى الهوية والانتماء، وأهداف التفرقة والتقسيم على الأساس القومي العرقي لتكوين المكونات الأساسية لمشكلة الالتجاء إلى الكفاح المسلّح. فالذين اختاروا الإرهاب كأسلوبٍ لنيل أهدافهم السياسية، قاموا في الوقت نفسه بتسييس القومية العرقية، وأخذت المشكلة منحىً مختلفاً.
قمنا في هذا الإطار بالمقاربة من المسألة في سياق الاستثمارات والإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية من ناحية التنمية الإقليمية، والإصلاحات الديمقراطية من ناحية الحقوق الأساسية، والسياسات الأمنية من ناحية الإرهاب، فقمنا من خلال ذلك بتفعيل جميع الأساليب. وقمنا بالقضاء على سياسات الرد والإنكار والإدماج، وعملنا من أجل تأمين الحقوق والحريات بصورةٍ متساويةٍ لكافة المواطنين.
لقد وضعنا في حيز التنفيذ أشمل عمليات التغيير والتحويل والتطبيع الديمقراطي في التاريخ. فشجّعنا الاستثمار في ولاياتنا الشرقية والجنوبية الشرقية، وقمنا بدعم الاستثمارات العامة، وخاصةً بالمعونات الاجتماعية والصحية والتعليمية، وعملنا على تعويض ما تم فقدانه. سرنا قدماً نحو الأمام بصفة "الثورة الصامتة" التي تحتضن المجتمع بأسره، وتوسّع مجال الحقوق والحريات العامة، وتعزّز انتماء المواطنين إلى البلد، وثقتهم بالدولة.
كان شعارنا الدائم في كل حين "اجعل الشعب يحيى حتى تحيى الدولة". والهدف من أعمالنا التي شرعنا فيها تحت شعار "حتى لا تبكي الأمهات" ليس فقط تعزيز أمننا القومي، بل تعزيز وحدتنا وتكاملنا الاجتماعي حتى تكون أكثر قوةً وصلابةً. فالحق والحقوق والعدالة مفاهيمٌ ترتجف عندها أبداننا. نحن نعتقد أن الناس منذ الولادة يملكون حقوقاً وحرياتٍ أساسيةٍ غير قابلةٍ للتدوال، ولا يمكن التخلي عنها. فهذه الحقوق والحريات التي هي القيمة المشتركة للبشرية أمرٌ لا بدَّ منه حتى يستمر الإنسان في عيشه بشرفٍ تحت ظل إدارة الدولة.
إن عملية الحل التي تتضَمَّنُ تغيير المنهج والذهنية والمفهوم والأساليب؛ ذو أهميةٍ حيويةٍ من حيث مستقبلٍ متألِّقٍ براقٍ لتركية. ففي تركيا الجديدة التي سيتم فيها تطوير  الديمقراطية والحقوق والحريات والكرامة الإنسانية بصورةٍ أكبر لا مكان للمشاكل التي تخلق هذا النوع من الهشاشة.
يتم تسيير عملية الحل بالتنسيق مع جميع وحدات الدولة المعنية وستزيل هذه العملية المشكلة المزمنة التي تحوَّلت إلى غرغرينا؛ من خلال نزع السلاح وإلقائه ومراحل التأهيل والعودة إلى الحياة.
في العهد الجديد، تتناول الأحزاب السياسية هذه المسألة بوعيٍ أعلى للمسؤولية، لا أن تتناوله بالحسابات السياسية وهموم صناديق الاقتراع. فالحسابات السياسية وأسئلة الأحزاب السياسية "من المستفيد؟"، "ما الذي يجنيه من ورائه؟"، "ما الذي يفقده؟" ألحقت الضرر بالمصلحة العامة لتركية حتى اليوم، وحملت الماء إلى طاحونة مأزق الوضع الراهن. ولم تعد تركية قادرةً على تحمل المزيد من الاستنزاف. والقيام بالخطوات الجريئة لوقف سفك الدماء ووقف سيل الدموع المهراقة من عيون الأمهات، وتلقي هذه الخطوات الدعم الكبير من أمتنا يبعث الأمل في النفوس.
 
 
في منظور 2023 نتطلّع إلى دولةٍ تركيَّةٍ لا يشعر فيها أي شخصٍ أمام الدولة وأمام مؤسسات الدولة بالتهميش والذل، ولا يشعر بأنه شخصٌ من الدرجة الثانية. نحن نتطلّع إلى تركية التي يشعر فيها كل فردٍ أنه مواطنٌ متساوٍ مع الآخرين في هذا البلد، وإلى تركية التي تبذل الغالي والنفيس من أجل تنمية هذا البلد ومبادئه المشتركة.
إن قدّر الله، وأصبحنا رئيساً للجمهورية، ومن أجل مواصلة عملية الحل هذه بشكلٍ أقوى، سوف نستمر في إعطاء الرسائل اللازمة لتوجيه جميع المؤسسات المعنية بذلك، وتأمين دعم شرائح المجتمع لعملية الحل هذه. وبالتالي سنصبح، باعتبارنا رئيس الجمهورية، أقرب المتابعين والداعمين لعملية الحل هذه.
سنعمل معاً إن شاء الله على تحقيق عملية الحل الديمقراطي هذا، ومشروع الأخوّة هذا، والمشروع الذي سيؤمن وقوف تركية على قدميها.
 
2.4.2. العلاقة بين الدولة والدين.
إن استخدام العلمانية وسيلة للهيمنة وهندسة المجتمع في بلادنا، حولتها إلى موضوعٍ للجدل في مجتمعنا الذي تبنى الديمقراطية والتحديث والانفتاح. وبالتالي كان الثغرة الديمقراطية عائقاً أمام الفهم الصحيح للعلمانية وتطبيقها.
بيد أن الدولة ليست لها هوية دينية أو عرقية. والعلمانية في الحقيقة، مفهومٌ تم إيجاده من أجل ضمان الحرية في الحياة الدينية، والحريات التي تتضمن الدين والاعتقاد. وقد تم  العيش والتعايش وفق هذا المفهوم للحرية الدينية والحرية في تراثنا الحضاري قروناً عديدةً.
 
عدم وجود طابعٍ دينيٍّ واضح للدولة لا يعني بقاءها خارج نظام قيم المجتمع. هذه الالتزامات مثل حماية الشباب والأسرة سواءٌ كانت بدوافع دينِيَّةٍ أو لم تكن  تتطلَّبُ دراسةً متأنِّيَةً للأخلاق الاجتماعية ومراعاتها. إن الضمان للمواطنين الذين يعيشون في بلادنا من جميع المعتقدات، من كل الأديان، من كل الأفكار هو نظام المجتمع والدولة الديمقراطية.
إن رؤيتنا للدولة ليست تلك التي تهيمن على مجال علاقة الدولة بالدين، بل الوسيلة التي تمنح الضمانة في هذا المجال. لا تتدخل الدولة في حرية المواطنين الذين ينتظمون حول دين أو اعتقاد. وتمنع استغلال الحقوق التي تضمن هذه الحريات، كما تمنع استغلال هذه الحريات.  فكيف أن الدولة لا يمكن لها أن تهيمن على أساسٍ دينيٍّ، فلا يمكن للجماعات الدينية أيضاً أن تهيمن على الدولة، أو على أية مجموعات دينية أخرى. ولا يسمح داخل الدولة بالتَّأكيد بتشكيل منظماتٍ تنهج الاستغلال الديني، وتشكيل مؤسسات دولةٍ موازيةٍ، واستغلال طاقات الدولة في خدمة المصالح الذاتية. والدولة الديمقراطية ضمانةٌ لذلك.
إن مهمة الدولة هي تشكيل ضمانةٍ لحرية المؤسسات التي أقامتها وتديرها الأديان والمعتقدات، أي ضمانة حرية منظمات المجتمع المدني. وبالتالي فإن العنصر الذي يوضح العلاقة بين الدين والدولة هي المدَنِيَّة. ينبغي على المجتمع أن يعزز حياته الدينية الذاتية ومراجعاته الذاتية.
بفضل جهودنا سواءٌ في سياسة التحول الديمقراطي الحقيقي وفي محاولاتنا بالاحتفاظ على سيادة الإرادة الوطنية، أو في سياسة إنهاء الممارسات والخطابات التي استغلت  العلمانية كوسيلةٍ لممارسة الضغط على الدين؛ عادت العلمانية في الآونة الأخيرة إلى مفهومها الحقيقي. وهذه التطورات هي التي عززت أهدافنا في بناء علاقة سليمة بين الدولة والدين.
 
لقد أولينا الاهتمام المطلوب بهذه المواضيع منذ عام 2002. فمثلا، وكما هو في كل المسائل، فقد تم إجراء الدراسات بقصد وهدف إيجاد الحلول في قضية العلوِيِّين، وتم البحث لأول مرةٍ في إطارٍ واسعٍ في المشاكل التي يعاني منها المواطنون العلويون. فنحن الذين قمنا ولأول مرة بالتذكير بالمجزرة الجماعية التي ارتكبها حكم الحزب الواحد بحق السكان العلويين في دارسيم  ، وقمنا بتقديم الاعتذار نيابة الدولة الوطنية. تلقينا في ورشات عملٍ مختلفةٍ أراء المؤسسات العلَوية، وحددنا معاً مشاكلهم، وبخطواتٍ مسؤولةٍ وشفافةٍ مشفوعةٍ بالحوار والنيّاتٍ الحسنة وضعنا اقتراحاتٍ للحلول.
ينبغي أن نستمر في تقديم دفعٍ جديدٍ لعميلة الحوار هذه. ينبغي علينا أن نزيل سياسة الدمج والرفض والإنكار من واقعنا تماماً. فكما أن ديمقراطيةً أكبر، ودولة قانونٍ أكثر صحةً هي الضمانة الكبرى للمواطنين، فهي كذلك من أجل المواطنين العلويين. ولهذا ينبغي ألا نبدي أي تسامحٍ لأية فئةٍ باستخدام أسلوب التفرقة والتنفير. ينبغي ألا نسمح لأحدٍ أن يستغل هذه العملية أو يشوهها. ينبغي تشكيل إقليم ديمقراطيٍّ تعدديٍّ مدنيٍّ، وينبغي إيجاد الحلول لمشاكل العلويين على أساس التفاهم المتبادل، والحوار، والمواطنة، ومسؤولية المستقبل المشتركة.
لقد أولينا اهتمامنا بأتباع الديانات المختلفة من المواطنين. فقمنا بإزالة الضغوطات التي تمارس، والقيود المفروضة على تشكيل التنظيمات الخاصة بجماعات الأقليات مثل الأوقاف. وفتحنا أبواب دور العبادة المغلقة. وقمنا بإعادة ما تم استملاكه من أملاك تلك الأوقاف.
إذا منحتنا أمتنا منصب رئاسة الجمهورية  فكما أننا سنستمر في تعزيز جهودنا من أجل التحرر القانوني والسياسي فإننا سنستمر من أجل تعزيز التسامح والعيش المشترك لتراثنا المشترك في محور الديمقراطية والتعددية أيضاً. 
يجب علينا أن نعمل لتفعيل تراثنا الحضاري التعددي المنقطع النظير وفق المعايير المعاصرة. وبالتالي سنكون قد طرحنا نموذجاً عظيماً ليس فقط من أجل بلدنا بل من أجل المنطقة كلها، من أجل العالم الإسلامي والعالم.
 
 
2.5 العدالة والقضاء
تاريخنا، هو تاريخ يحتل فيه مفهوم العدالة مكانه في مركز السياسة. واكتسبت فيه سلطة الدولة مشروعيتها بالعدالة. لهذا، فالعدالة ليست عبارة عن مؤسسات قضاءٍ فحسب، بل هي ماهية مطالبةٍ تخاطَبُ بها الدولة كلُّها.
فرئيس الجمهورية باعتباره صاحب الصلاحية الذي يُمثل بدايةً وحدة الدولة ووحدة الشعب، ومجلس الشعب التركي الكبير، والحكومة، والقضاء وسائر مؤسسات الدولة؛ محل خطاب لمطالب المجتمع والأفراد بالعدالة. وهكذا تكون العدالة ممكنة التحقيق بمواقف هذه المؤسسات وسلوكها بالعدل والمساواة، وعلى العكس تزول العدالة بمواقفها وسلوكها أيضاً.
ولأن العدالة اجتماعية؛ يمكن استخدام صلاحية المحاكمة العائدة للشعب بالشكل الذي يعكس كل فروقاتها. وبهذا الشكل فقط يمكن أن تتحول كل الفروق إلى مصدر للثقة والاطمئنان.
ولا يمكن لأية قاعدةٍ أو محكمةٍ أن تحقق العدالة ما لم تتشكل المؤسسات القضائية بحيث تستطيع الاستجابة لطموحات العدالة عند الشعب.
إن قواعد النظام الاجتماعي التي تمَّ قبولها بما يتلائم مع إرادة الشعوب والنظام الدستوري؛ يجب أن ينتج معايير العدالة. فهذه المعايير ليست حكراً لأحدٍ، وليست ملكاً لأية مجموعةٍ، ومن الواجب تشكيلها تبعاً للإرادة الشعبية. وطموحات الشعب للعدالة يمكن أن تتحقق فقط من خلال المراجع الحقوقية التي تتضمن القيم العالمية التي اعتبرها المجتمع مشروعةً وانضم إليها، وتلقاها بالقبول.
 
وهذا يجبرنا على تطهير أنظمتنا الحقوقية بأكملها، وفي مقدمتها الدستور الموروث من عهد الحزب الواحد ودساتير الانقلاب وبقاياها. لكن هذا بالنسبة لنا لا يكفي أيضاً. فمهما كانت المراجع الحقوقية بالغةً حدّ الكمال؛ فإنّها تخدم أهداف رسالةٍ إيديولوجيةٍ أو مجموعة مصالح مختلفةٍ إن كانت تشكيلات القضاء التي ستطبّق تلك المراجع لا تعكس إرادة الشعب، ولا تتم هيكلتها بصورةٍ ديمقراطيةٍ.
للأسف! عشنا هذا النوع من النماذج السلبية في وقتٍ قريبٍ مضى. إن القضاء الذي لا يركّز على العدالة، يبدأ بالتسييس. وعندها يخسر القضاء من غياب الديموقراطية بقدر ما تخسر السياسة. فمتى يملك القضاء هيكلاً ديمقراطياً يكون حينها قادراً على النجاة من التسييس. وتاريخ الديمقراطية الغربية وتاريخ منطقتنا كلاهما يقدم لنا البنية التحتية لهذا. 
لقد تم اتخاذ خطواتٍ هامةٍ في هذا الصدد مع الاستفتاء الشعبي الذي تم إجراؤه في بلدنا عام 2010. في غضون هذا، نرى اليوم نتائج الديمقراطية التي حققناها جزئياً في المحكمة الدستورية. لكن يمكننا أن نفهم بارتياحٍ عدم كفاية هذا من التطبيقات التي نراها في القسم المتبقي من القضاء.
 
لا بد من إعادة هيكلة تشكيلات القضاء بشكلٍ يعكس جميع اختلافات الأمَّة ويؤمّن المقاضاة بما يتوافق مع مبادئ الحقوق والعدالة.
 
 
لا بد من إضفاء مشروعية الديمقراطية على القضاء من خلال مجلس الأمة التركية الكبير أعلى مراجع القضاء. بهذا الشكل، يكون قد تم تأمين علاقة التبنّي والمشاركة بين القضاء والشعب.
نحن نعتقد أنه بهذا الشكل قد تم الوقوف أمام قضاءٍ يستند على تحكّم الأكثرية أو الأقلية. هكذا يمكن بناء آلية عدالةٍ تنال صفة الحاكم ويشعر فيها الأقلية أو الأكثرية بالأمان. 
تلعب رئاسة الجمهورية دوراً في تعزيز علاقة القضاء مع الديمقراطية إضافةً إلى تأمين الانسجام في عمل مؤسسات الدولة.
إن أوكل لنا شعبنا مهمة رئاسة الجمهورية، فسوف نقوم بهذا الدور على أكمل وجه.
سوف نبني معاً نظام عدالةٍ يعطي الأمان لمواطنينا ويرصد حقوقهم.

مجتمع الرفاه

نحن ننتمي إلى حضارةٍ تحب المخلوق من أجل الخالق. نحن نمثّل مستقبلاً يعتبر كل إنسانٍ مكرّماً وقيّماً بغض النظر عن كونه من يكون.
نحن لم ننظر لأي إنسانٍ لأي مواطنٍ بنظرة التمييز. فالمفهوم الديمقراطي، في الواقع، يستلزم بقاء المسافة مع الجميع متساويةً.
إنساننا يأتي قبل كل شيءٍ. دولةٌ قويةٌ تعني دولةٌ يشعر فيها المواطن بالأمن والأمان ويكون فيها سعيداً ومتفائلاً بالمستقبل.
منذ عام 2002 نذرنا أنفسنا لتأمين وحدة الدولة والشعب والاهتمام عن كَثَبٍ بكلِّ مشكلةٍ من مشاكل مجتمعنا وإيجاد حلولٍ ومقارباتٍ جديدةٍ.
سياستنا هي سياسة الخدمة. فنحن لا ننظر إلى الشعب من الأعلى ونخدمهم من باب الإحسان، بل نستخدم السلطة والصلاحية التي أخذناها من الشعب في سبيل خدمة الشعب. لهذا السبب، شرعنا في التحويل الكبير بمفهومٍ يحلّ المشكلة لا يخلقها.
في فترة حكمنا، أصبحت بلدنا دولة رفاهيةٍ. تحركنا بمقاربةٍ تضع مواطنينا في المقدمة في كل المجالات؛ من التعليم إلى الصحة، من المعونات الاجتماعية إلى الثقافة.
أصبحنا أهلاً للمحرومين نساعدهم وندعمهم. أصبحنا صوت الكتلة الصامتة. وصلنا إلى أبعد ركنٍ في البلد لمساعدة المواطن المحتاج ذي الدخل المحدود. مددنا يد  الدولة الحنونة. وكما يستوجبه مفهمومنا للدولة الاجتماعية، قمنا بإصلاحات تحسّن ظروف حياة الشرائح ذات الدخل المحدود في مجالاتٍ عديدةٍ، بدءاً من الصحة وصولاً إلى الأمن الاجتماعي.
قمنا بتنفيذ العديد من التطبيقات التي تُشعر المعوقين والأطفال الذين بحاجة للحماية والأشخاص المتضررين العاجزين بمتعة الحياة وتجعلهم يتعلقون بالحياة الاجتماعية.
 
 
في الطريق إلى تركيا الجديدة، ينبغي علينا أن نستمر دون توقفٍ ولا ترددٍ للقيام بما يجب لتكون دولتنا دولةً اجتماعيةً عصريةٍ.
ينبغي على تركيا الجديدة أن تواصل عزمها لتكون مجتمعاً قوياً يتألف من أفرادٍ واثقين من أنفسهم ومجهّزين وسليميين ومتعلمين ويعيشون حياةً سعيدةً وآمنةً في الوسط الاجتماعي ويتكاملون مع المجتمع والوسط القريب ابتداءً من الأسرة.
في السنة المئة لتأسيس الجمهورية، ينبغي على تركيا الجديدة أن تكون تركية القدوة التي تحتذى بها في العالم من حيث جودة الإنسان والتكامل الاجتماعي بقدر ما تحتذى بها من حيث الحريات الفردية وجودة الديمقراطية. 
3. 1. الرفاه الاجتماعي
يجب أن يكون هدفنا الأساسي في منظور 2023 أن يتلقى الناس الخدمة العالية الجودة والآمنة والعصرية والسريعة. علينا أن نحقق علاقة الدولة الاجتماعية على أرض الواقع في أعلى مستوياتها تقدماً. من أجل هذا، علينا أن نستمر في القيام بالإصلاحات والحملات الكبيرة في كل مجالٍ من مجالات الخدمات. علينا أن نستمر في القيام بأعمالنا وفق المعايير العالمية، وأن نقدم الخدمة لشعبنا برغبةٍ أكبر.
من أجل تركيا الجديدة الأكثر رفاهية؛ لا بدّ أن تكون أهدافنا لعام 2023 دليلاً لنا في طريقنا. نريد هنا أن نسلسل بعضاً من هذه الأهداف.
فالتعليم من أَوْلى المجالات اللازمة لتحقيق هدف المجتمع القوي. فمجتمعٌ أفراده متعلِّمونَ؛ مجتمعٌ يقول كلمته للعالم، ويكون محترماً في العالم، ويقوم بأعمالٍ على مستوى العالم.
لا يتم التعليم من خلال بناء المدارس والمعاهد والقيام بالتدريس في الصفوف فحسب، بل الحاجة الأساسية في التعليم أن يتم تأمين تبنّي قيمنا الحضارية، و استيعاب مثالية أن نكون إنساناً ديمقراطياً وواعياً ومزوّداً بالعلوم والمعارف.
قمنا بإصلاحاتٍ كبيرةٍ في مجال التعليم، وخصّصنا للتعليم أكبر حُصَّةٍ من الميزانِيَّةِ العامَّةِ. فبينما كانتْ ميزانيَّةُ التعليم 11.3 مليار ليرة تركية لعام 2002، ارتفع هذا الرقم في عام 2014 سبعة أضعافٍ، وبلغت الميزانية 78.5 مليار ليرةٍ تركيَّةٍ.
قمنا بتزويد المدارس من الكتب الدراسية المجانية إلى التابلت، ومن السبورات الذكيَّةِ إلى الصفوف الحديثة. قمنا بتوزيع مليارٍ  و754 مليون كتابٍ مدرسِيٍّ خلال 11 سنةً. وزدنا معاش المعلم بمعدل 317%. ورفعنا المنحة الشهرية لطلاب التعليم الابتدائي والإعدادي بمعدَّلِ 1.058%، أما المنحة الشهرية ومقدار القرض لطلاب التعليم العالي فقد رفعناها بمعدَّلِ 478%.
إن التعليم حقٌ للجميع. لذلك قمنا بالتجديدات سواءٌ في البنية التحتيَّة للتعليم، أو في محتويات التعليم على أساس الديمقراطية والنشاط والمعرفة.
قضينا على التعليم الذي يدوم 8 سنواتٍ متواليةٍ بدون انقطاعٍ، والذي هو من نتاج انقلاب ما بعد الحداثة وانقلاب 28 شباط، وأتينا بنظام التعليم على ثلاث مراحل 4+4+4، وانتقلنا إلى تعليمٍ مرنٍ اختياريٍّ يصغي إلى مطالب الأبوين ورغبتهما. 
زدنا ميزانية التعليم العالي 8 أضعاف. وفتحنا الجامعات في جميع ولاياتنا الـ 81. رفعنا عدد الجامعات من 76 إلى 175.  زدنا عدد الأكاديميين بمعدل 72%. قضينا على ظلم مُعامِل الأمثال عند الدخول إلى الجامعات. قمنا بتأمين الكثير من الدعم لطلاب الجامعة مثل السكن الجامعي، والمنحة، وإلغاء الضرائب.
إن التعليم في الطريق إلى 2023 أولويةٌ من أولوياتنا التي تتوسَّعُ لكلِّ مجالٍ من مجالات الحياة وترفعُه وتُنَمِّيهِ. علينا أن نستمر بإصرارٍ على جعل التعليم الجيِّدِ الأصيل الشائع والواعي أكبر ميزةٍ لنا في تنافسنا مع العالم. فقوة الإنسان المتعلم هو أكبر مصدرٍ للثراء في عالمنا المعاصر. ينبغي على مواطنينا أن يتمكَّنوا من الانتاج العلميِّ، ويحولوِّه إلى مشروعٍ، ويعملون على إدارته.
في الطريق إلى 2023، يجب علينا أن نربي أجيالاً تعطي قيمةً لتراثها، وتنفتحُ على القيم والأفكار العالمية استناداً على ذلك التراث.
لهذا ينبغي علينا أن لا نكتفي ببناء البنية التحتيَّةِ الكافية والجيدة للتعليم فحسب، بل ينبغي علينا أن نستمر في تطوير منهجٍ دراسيٍّ يحول العلم إلى الوعي، والوعي إلى الفضيلة، والفضيلة إلى الفعل، ويقرأ، ويفكر، ويطبّق، ويعطي الأولوية للاستنتاج. ونعمل على تخريج المعلم الرائد الواعي في جودةٍ عاليةٍ.
الصحة: وفي مجال الصحة قمنا بتأمين الخدمة الصحية الجيدة الشائعة، وحققنا تَحَوُّلاً عِملاقاً. وأعطينا أولويةً كبيرةً للصحة في كل حينٍ.
لم يعد قطاع الصحة قطاع المشقَّةِ، والعهود التي يؤخذ فيها المرضى الفقراء رهائن في المشافي، وولَّت وأصبحت في غياهب التاريخ. فقد قمنا بثورةٍ صحِّيَّةٍ تُعنى بالفقراء. وقمنا بدمج المشافي العامة. وقمنا بتوفير الإمكانيات لـ 37 مليوناً ممن هم مسجلون في مؤسسة التأمينات الصحية لتلقي الخدمات الصحيَّةِ في المشافي العامة. بعد أن دمجنا المشافي العامة تحت سقفٍ واحدٍ، استطعنا أن نوفِّرَ الإمكانية لـ 37 مليوناً ممن هم مسجلون في مؤسسة التأمينات الصحية لتلقي الخدمة في المشافي العامة. فباتت المشافي الجامعية والمشافي الخاصة تفتح أبوابها لجميع المواطنين. وباتت التأمينات الصحية العامة تشمل جميع الأشخاص تحت السِّنِّ الـ 18، والذين يتلقون التعليم دون البحث عن التأمينات الاجتماعية. وبات لكل أسرةٍ طبيبٌ خاصٌ بها.
بات كل مواطنٍ قادراً على الحصول على الدَّواءِ من كلِّ صيدليَّةٍ. وأصبحت أرتال المشفى تاريخاً. وأنشانا مشافي حديثةً ومنظمةً ومرفّهةً. وزوّدنا المؤسسات الصحية بأحدث التكنولوجيات. وأبعد الزوايا التي كانت لا ترى طبيباً؛ باتت ترى طبيباً مختصّاً. نقدم الخدمة الصحية للمرضى الملازمين للفراش في بيوتهم. قمنا بتعريف تركية على طائرات وهليكوبترات الإسعاف.
 
زدنا المقدار الكلي للنفقات التي تخصصها الدولة في مجال الصحة بمعدل 422%. ورفعنا الميزانية المخصصة لوزارة الصحة إلى 8.5 ضعفٍ.
زدنا عدد العاملين في قطاع الصحة إلى الضعفين. وقمنا بتأمين توزيعٍ متوازنٍ لموظفي الصحة على جميع أنحاء البلد بصورةٍ متوازنةٍ.
شرعنا في بناء مدن المشافي الضخمة، فأصبح لدينا في 26 ولايةً 34 مدينة مشفى في طور الإنشاء. ستضم كل مدينة مشفىً العديد من المشافي بدءاً من مشافي الأمراض النسائية والولادة والأطفال إلى مشافي الأمراض النفسية. سيتغير مفهوم المشفى لدى مواطنينا مع مدن المشافي التي ستقدم الخدمة وكأن المريض في فندق خمس نجومٍ بدءاً من استقبال المريض، ووصولاً إلى الخدمات في جميع مراحل عمليات المعالجة. 
وبهذه الإصلاحات، يؤخذ نظامنا الصحي نموذجاً أصيلاً يحتذى به في عالم اليوم.
في السنة المائة لتأسيس الجمهورية، علينا أن نجعل تركية محطةً صحيةً ليس فقط من أجل شعبها، بل من أجل بلدان المنطقة أيضاً. نتطلع إلى تركية التي يتم فيها حماية صحة الفرد والمجتمع على أعلى المستويات، وتقديم أسرع الحلول، وأكثرها تأثيراً في حلِّ مشاكلهم الصحية.
الأمن والعدالة: وفي خدمات الأمن والعدالة سجلنا خطواتٍ كبيرةٍ. فقمنا بتطوير خدمات الأمن العام حتى يعيش مواطنونا في بيوتهم وشوارعهم ومدنهم بأمنٍ وأمانٍ وسلامٍ. صممنا خدمة الأمن من جديدٍ على محور حماية الحريات، وبذهنيَّةٍ تتضمن الدعم الاجتماعي.
وأطحنا بكل أنواع العصابات والمنظمات الإجرامية. وهكذا تعززت ثقة مواطنينا بالدولة. وباتت الأحداث مجهولة الفاعل جزءاً من الماضي، وبذلنا جهداً من أجل كشف فاعل الأحداث مجهولة الفاعل التي وقعت في الماضي. وباتت مراكز الشرطة ومخافر الجندرمة، مع سياساتنا التي تخلو من التعذيب؛ المراكز التي يذهب إليها مواطنونا بأمانٍ. وأولينا أهميةً كبيرةً لتنشئة الموظفين المُؤَهَّلين في وحداتنا الأمنية.
 
أوصلنا خدمات العدالة إلى المستوى الذي يليق بها. ونقلنا المحاكم من طوابق القبو إلى قصور العدل. وقمنا بتأمين تحديثاتٍ وتسهيلاتٍ كبيرةٍ لمواطنينا بنقل خدمات العدالة إلى أوساط النت. زدنا عدد القضاة وقضاة النيابة العامة. قمنا بتطبيق الابتكارات مثل التَّحْكيمِ وإخلاء السبيل مع المراقبة. أسَّسْنا المؤسسة العامة للمظالم. وقمنا بتحديث بنية أجهزة القضاء الأعلى حتى يتم إنهاء الدعوات في وقتٍ أقصر.
هدفنا لعام 2023 أن يكون الموظف مثقفاً، وكفؤاً، وذو أخلاقٍ حسنةٍ، ويحمي تماماً حريات الخدمات الأمنية، ويحترم حقوق الإنسان، ويرفع شعار الأفضلية للحقوق، ويستخدم أكثر التكنولوجيات تقدُّماً في كفاحه مع الجرائم والمجرمين، ويدافع عن عمله، وعن مفهوم الأمن.
الثقافة: إنها تماماً مثل التعليم، لا تؤثر على حياة الإنسان فحسب، بل وتنشئ الإنسان، وتُكَوِّنُهُ أيضاً.
إن الحضارة التي أخذتها تركية ميراثاً من تاريخها ومن جغرافيتها التي تقوم عليها، هي لونها الفارق لعالم اليوم. ومساهماتنا في عالم الثقافة باعتبارنا حملة الميراث المشترك لعالمٍ تَشَكَّلَ عبر آلاف السِّنين كتابةً وروايةً، وباعتبارنا العنصر الفاعل في بناء الثقافة ونشرها من الآداب إلى الموسيقى، ومن الهندسة المعمارية إلى الفلسفة؛ نعم مساهماتنا هذه حقيقةٌ لا تخفى.
المجتمعُ القويُّ يعني أفكارٌ ، وإنجازاتٌ، ومنتجاتٌ، وقيمٌ قويةٌ. فالمجتمع الذي لا يملك قيماً وتقاليد، ولا يحمل تقاليده إلى يومه، ولا يستطيع أن يعبد إنتاجها من جديدٍ؛ هو مجتمعٌ لا يستطيع أن يقول للعالم كلمته، ولا يضيف معنى للمستقبل.
الثقافة أهم رابطٍ يربط ماضينا بحاضرنا، وحاضرنا بالمستقبل، بمقدار ما يربط بعضنا ببعض.
إنها المسألة التي أوليناها أهمِّيَّةً كبيرةً جداً من أجل حماية تراثنا التاريخي والثقافي، ونقل جماليّاتِنا ومَيِّزاتِنا التي تجعلُنا نحن، وتُمَيِّزُنا عن الآخرين؛ إلى الأجيال اللاحقة.
تبنَّيْنا آثارَنا التاريخيَّة والثقافيَّة. وجعلنا 19.000 أثراً من آثارنا الكتابية على شكل كتلوجاتٍ. واسترجعنا 4141 أثراً تم تهريبها إلى خارج البلد. وقمنا بتأمين دعمٍ ماليٍّ بمقدار 755 مليون ليرةٍ تركيةٍ لحماية ثرائنا الثقافيِّ. طوّرنا شؤون المتاحف، فارتفع عدد زوّار المتاحف إلى 4 أضعافه. في 25 بلداً مختلفاً؛ افتتحنا 32 مركزاً يعّرف بثقافة بلدنا باسم ‘مركز يونس أمْرَة الثقافي التركي‘.
تبنّينا آثارنا الوقفية داخل البلد وخارجه، وقمنا بحمايتها. بين عامي 2003 و2013، وقمنا بترميم وصيانة ما يقارب 4000 أثراً من آثارنا الوقفيَّة.  في الطريق إلى 2023، سيتم إنتاج مقاربةٍ متساويةٍ لجميع الديناميكيات الثقافية الموجودة في المجتمع. ستقترب الدولة من جميع الهويات الثقافية في ظل المبدأ الديمقراطي.
أهدافنا لعام 2023 أن تدعم الدولة انخراط المجتمع في الأعمال الثقافية وتطويرها، وفي الوقت نفسه أن تعطي الأولوية لتلعب الفعاليات الثقافية دوراً في تعزيز الوحدة الاجتماعية وفي تكوين تركيبٍ حضاريٍ جديدٍ.
في هذا السياق، لا نعتبر  الوقف الذي يبنيه أشخاصٌ من أي مُعْتَقَدٍ، ويقدم الخدمة لأيِّ هدفٍ اجتماعيٍ؛ تراثاً ثقافياً هاماً جداً فحسب، بل نعتبره أيضاً بنيةً تعدديةً ديمقراطيةً قام المجتمع المدني من خلاله بتنظيم نفسه. فعلينا بهذا المفهوم أن نحمي تراثنا الوقفي، ونحافظ عليه، وننتجه من جديد.  في الطريق إلى 2023، يجب علينا أن نبدأ في بناء حضارةٍ جديدةٍ، مستمدين في ذلك القوة من تقاليدنا وأعرافنا.
 
ينبغي علينا أن نصل إلى تركيبٍ جديدٍ نمزج فيه قيمنا الثقافية مع القيم العالمية. ينبغي على إنساننا، من خلال الثقة بنفسه التي منحها له تبنّيه للقيم الخاصة به؛ أن يرى العالم بأسره مجالاً للتأثير الثقافي بقدر ما يراه ساحةً للعلم والعمل.
شبابنا هم طاقة اليوم وضمان المستقبل. فبلدنا لديه من هذه الثروة ما يفوق ثروات البلدان الأخرى.
قمنا بالعديد من الأعمال لتنشئة شبابنا تنشئةً جيدةً في أُسَرِهِمْ، والأوساط التي يعيشون فيها، والمدارس، والأمكنة الاجتماعية؛ حتى يكونوا أفراداً واعين، ولتقويتهم جسداً وروحاً من خلال الثقافة والرياضة. 
رفعنا ميزانية الاستثمار في الشباب والرياضة 15 ضعفاً. رفعنا ميزانية القروض، وبناء المساكن، بمعدل 1087%  مقارنةً مع عام 2002. ورفعنا القدرة الاستيعابية للسكن من الأسرّة إلى ضعفيها. ونقوم ببناء مساكن جامعيةٍ مكونةٍ من غرفٍ تتسع لشخص إلى ثلاثة أشخاص، وفي مستوى الراحة الموجودة في الفنادق. 
أوصلنا عدد الأعضاء الفاعلين في 175 مركزاً للشباب إلى 510.000. نتطلع لإيصال عدد الأعضاء الفاعلين في مراكز الشباب التي سيتم بناؤها مجدداً إلى الملايين.
في العديد من مدننا، قمنا ببناء منشآتٍ رياضيَّةٍ على مستوى العالم. نشرنا المنشآت الرياضية إلى محافظاتنا وأحيائنا. أقمنا المؤتمرات الدولية الضخمة بنجاحٍ.  زدنا عدد الرياضيين المرخّصين 17 ضِعْفاً.
في الطريق إلى 2023، يجب علينا أن ننقل جميع الأعمال التي قمنا بها حتى اليوم بخصوص الشباب إلى مراحل مُتَقَدِّمَةٍ.
طيلة الأعوام الاثنتي عشرة الماضية؛ أنتجنا سياساتٍ مؤثرةٍ، ووضعناها حيز التنفيذ، لتنشئة جيلٍ من الشباب يستطيع أن يستخدم التكنولوجيات، ويتقن لغته، ويجيد على الأقل إحدى اللغات الأجنبية، منفَتِحٌ على التطور، ويملك أفكاراً إبداعيةً. وسنبقى نتَّبِعُ هذه السياسات.
اتخذنا دائماً التدابير اللازمة لحماية شبابنا من المشروبات الكحولية، والمخدِّرات، والعادات الضارة الأخرى، وسوف نستمر في اتخاذها بإصرارٍ.  يجب علينا أن نعطي لشبابنا الحق في أن يُنتخَبوا كما أعطيناهم حق الانتخاب. لذلك لا بد لنا أن نخفض سن ترشيحهم وانتخابهم إلى 18. 
في الطريق إلى 2023، نتطلع إلى شبابٍ مرتبطٍ بالقيم الوطنية والمعنوية، ومتسمٍ بالأخلاق، ونشيطٍ، ومقدامٍ، ومزوّدٍ بالعلوم والمعارف، ويستطيع أن يمزج بين القيم التي أخذها من تاريخه والقيم العالمِيَّة. فجيل الشباب الذي سيحمل بلدنا إلى الغد؛ ينبغي أن يكون جيلاً يدرك أنه يشكل ثراءً مع كل اختلافٍ بشريٍ يعيش فوق أرض الوطن الواحدة التي لا تنقسم، وتحت علمه الواحد.
في المئوية الأولى لتأسيس الجمهورية ينبغي على جيل شبابنا، بالقوة التي استمدَّها من تاريخه؛ أن يجلب الأمن والسلام والرفاهية والأُخُوَّة لبلده وللإنسانية. ينبغي على شبابنا أن يعرضوا وعي الفضيلة الذي استصعب على العالم إحياءه. شبابنا القدوة سوف يبنون تركية الرائدة التي هي القدوة في منطقتها.
المرأة: هي أهم عنصرٍ في رؤيتنا المستقبلية. فحقوق المرأة، ورفاهيتها، والقضاء على العوائق التي تواجهها في الحياة الاجتماعية؛ أهدافٌ لا يمكن الاستغناء عنها من أجل بناء تركيا الجديدة.
في سبيل القضاء على العوائق الاجتماعية التي تواجهها المرأة؛ قمنا بتنظيماتٍ تضمن حقوق المساواة بين المرأة والرجل، وتنصُّ على التمييز الإيجابي. وقمنا بتنفيذ التطبيقات التي تشجع عمل المرأة، وتؤمن لها الدَّخْل الكريم. بدأنا بإعطاء التحفيزات لتوفير إمكانياتٍ جديدةٍ لتوظيف المرأة.
 
 
تبنّينا مبدأ ”عدم التسامح“ مطلقاً في مكافحة العنف ضد المرأة. وفي هذا الإطار، حققنا خطواتٍ كبيرةٍ في البنية التحتية القانونية لمنع العنف داخل الأسرة، والحدِّ من جرائم الشرف. قمنا بالعديد من الأعمال الهامة من أجل تطوير القدرات لدى أطفالنا البنات بقدر ما فعلنا ذلك من أجل المرأة.
قمنا باسترجاع حقوق المرأة التي تعرضت للتمييز  بسبب اعتقاداتها الدينية، حيث تقيّدت حريتها في التعليم بسبب حجابها، وتعرَّضَت للظلم. أتينا بحرية العمل في المؤسسات العامة بالحجاب.
في الطريق إلى 2023، يجب القيام بأعمالٍ عديدةٍ وشائعةٍ لتعزيز مكانة المرأة في المجتمع.لا بد من تطوير سياساتٍ جديدةٍ ترتكز على المرأة في مجالاتٍ مثل التعليم، والصحة، والأمن الاجتماعي، والمعونة الاجتماعية. 
طيلة حياتنا السياسية، أولينا أهميةً خاصةً بأن تحتل المرأة مكانةً في الحياة الاجتماعية والسياسية. فالجهود التي بذلناها حتى تكون المرأة نشيطةً في كل خطوةٍ نخطوها في السياسة، حتى أصبحتْ هذه السياسات في بعض الأحيان سبباً في انتقادنا داخل الحركات التي انتمينا إليها في الماضي. حتى أننا أفدنا بأن لا تخضع المرأة لأي نظام كوتا في الحياة الاجتماعية والسياسية معتقدين بأن نظام الكوتا يرسم حدوداً تقيِّدُ المرأة. علاوةً على ذلك، فقد بذلنا جهداً كبيراً لتجاوز التمييز الصنعي الذي يرى تناقضاً بين دور المرأة في الأسرة وبين تطويرها كفردٍ.
في حال تم انتخابنا رئيساً للجمهورية، سوف نحمي السياسات التي تم وضعها لتقوية المرأة وتعزيزها بصورةٍ أكبر من الناحية الفردية والاجتماعية.
الأسرة: إنها أساس مجتمعنا. فللأسرة أهميةٌ كبيرةٌ لا يمكن الاستغناء عنها لتأمين استمرارية بنية المجتمع بشكلٍ صِحِّيٍّ، ولنقل القيم والمبادئ بين الأجيال بشكلٍ صحيٍ، ولتأمين عمليات التأقلم الاجتماعي للأفراد. فبقدر ما تكون بنية الأسرة لشعبٍ ما قويةً، بقدر ما يكون ذاك الشعب قوياً.
نهدف إلى تعزيز أمن الأسرة ورفاهيتها وحمايتها ضد كل عاملٍ يهدِّدها ويهدمها.
من خلال تأسيس وزارة الأسرة والسياسات الاجتماعية في عام 2011، قمنا بتطوير العديد من السياسات الاجتماعية بشأن المرأة والأسرة.
أطلقنا برنامج تأهيل ما قبل الزواج لإعداد المقبلين على الزواج للحياة الزوجية. ونهدف لنشر هذا البرنامج إلى كل أنحاء البلد بمساعدة البلديات.
رفعنا معدلات الإنجاب إلى ضعفها. زدنا عدد بيوت المودة 15 ضعفاً.
في الطريق إلى 2023، لا بد من تطوير السياسات التي تقوي بناء الأسرة وتحمي مفهوم الزواج من كل أنواع السلبيات، وتقوِّيه، وتحافظ على تكامل الأسرة.
المعونات الاجتماعية: مجالٌ آخر حققنا فيه تحولاً ضخماً في السنوات الـ 12 الأخيرة. فنحن من أوجد مفهوم الدولة الاجتماعية ودولة الرفاهية. زدنا المبلغ المخصص للمعونات الاجتماعية 15 ضعفاً.
مددنا يد العون للأفراد والأسر ذات الدخل المحدود. قمنا بهذا من خلال معوناتٍ وسياساتٍ ومؤسساتٍ فاعلةٍ وشاملةٍ.  نحن من قام بتنفيذ التطبيقات التي تهتم بذوي الدخل المحدود والمعاقين والمسِنِّين والأرامل وأقارب الغزاة والشهداء. وقطعنا شوطاً كبيراً في مكافحة الفقر.
 
تدخلنا في حل جميع مشاكل المعوقين. رفعنا عدد الذين يأخذون معاش المعاق إلى ضعفيه. زدنا توظيف المعاق في القطاع العام 5 أضعاف. أتينا بإمكانية التقاعد المبكر للأمهات التي لديها طفلٌ معاقٌ.
 قمنا بتحفيز أصحاب العمل الذين يشغّلون لديهم أصحاب الإعاقة. فتحنا الطريق أمام التقاعد المبكر للمعاقين. قمنا بتأمين التسهيلات لدفع معاشات المعاقين الذين يطالبون بذلك في بيوتهم.
تقوم رئاسة دائرة المساكن الجماعية (توكي) ببناء مساكن اجتماعية يمكن للأسر الفقيرة أن تمتلكها على أن تدفع بالتقسيط  100 ليرة تركية طيلة 20 عاماً. تجاوز عدد المواطنين الذين استفادوا من هذه المساكن 3 ملايين. كل عام نقوم بتزويد ما يفوق مليوني أسرةٍ حاجتها من الوقود بصورةٍ منتظمةٍ. نعطي بانتظامٍ معونةً نقديةً قدرها 250 ليرةً تركيةً في الشهر لـ 240 ألف امرأة أرملةٍ فقدت زوجها. قدمنا لـ 3 ملايين من أمهات الأطفال معونةً صحيةً وتعليميةً مشروطةً في كل عام.
خرجنا إلى الطريق ونحن نهدف إلى بناء مركز للخدمات الاجتماعية على الأقل في كل ولايةٍ ففتحنا 123 مركزاً للخدمات الاجتماعية.
في الطريق إلى 2023، نتطلع إلى تركية الديناميكية التي تتكون من أفراد يتطلعون إلى المستقبل بأمانٍ، ويسودها السلام الاجتماعي، ويتم فيها خفض مشكلة الفقر إلى الحد الأدنى.  من خلال زيادة عدد المراكز الاجتماعية الوقائية، ينبغي علينا أن نرفع الوعي الاجتماعي حول حماية حقوق المرأة والطفل والمعاق والمسن وأقارب الشهيد، والاستفادة المتساوية من الفرص والإمكانيات.
الأمن الاجتماعي؛ مجالٌ أخر قمنا فيه بإصلاحاتٍ ضخمةٍ. قمنا بثورةٍ في التقاعد والتأمينات الصحية العامة. جمعنا مؤسسات الأمن الاجتماعي المختلفة الثلاث تحت سقفٍ واحدٍ. قمنا بتوسيع مضمون الأمن الاجتماعي. قمنا بتكوين نظام التأمين الصحي العام الذي يهدف إلى تقديم الخدمات الصحية الجيدة إلى جميع مواطنينا بسهولةٍ وبصورةٍ متساويةٍ. أصبحنا من خلال التأمين الصحي العام واحدةً من البلدان التي تقدم أشمل الخدمات الصحية، وأكثرها سهولةً في الوصول إليها على مستوى العالم.
زدنا عدد أماكن العمل بمعدل 118 بالمئة، وفي عدد أصحاب التأمينات بمعدل 140 بالمائة. وقمنا بهيكلة ديون مواطنينا لمؤسسة الأمن الاجتماعي. وقمنا بتسهيلاتٍ لتسديد المتقاعدين والعاملين وأصحاب أماكن العمل أقساط ديونهم المترتبة لصندوق التأمين الاجتماعي.
 
المجتمع القوي هو المجتمع الذي يضمن أمن الإنسان في يومه ومستقبله. والدولة التي تدعم مواطنيها العاملين، وتعتني بغير العاملين؛ هي دولةٌ اجتماعيَّةٌ حقيقيَّةٌ.
في الطريق إلى 2023، نتطلع إلى تركية التي يعيش فيها الجميع بصحةٍ وأمانٍ من غير قلقٍ حول المستقبل، ونظام أمنٍ اجتماعيٍ منتجٍ وفاعلٍ يملك الديمومة والاستمرار.
 
3.4 الرفاه الاقتصادي
منذ عام 2002 والاقتصاد يحتل رأس سلم أولوياتنا، تركنا جانباً النزاعات العقيمة، والمقاربات السطحية، والتفتنا إلى ما يُنَمِّي رغيف الخبز لشعبنا، وإلى توزيعه بشكلٍ أكثر عدلاً. لم نول اهتماماً أبداً للسياسات الشعبوية التي تدغدغ العواطف، ولم نفتح قلوبنا أبداً للمقاربات السهلة الخادعة التي تُكَلِّفُ شعبَنا ثمناً باهظاً.
ونحن كما حدَّدْنا مركز سياستنا وجعلناه في إرادة شعبنا؛ فكذلك أقمنا مركز اقتصادنا في القوة الإنتاجية لشعبنا. وقمنا بتشكيل سياساتنا الاقتصادية في إطارٍ من وجهة نظر تكامليةٍ، وفهمٍ طويل النفس، ونقلناها إلى أرض الواقع بشكلٍ فعّالٍ.
في إدارة الدولة وفي السياسة والاقتصاد تحرّكنا بمبدأ "الإنسان أولاً". قمنا بالأعمال من خلال تفعيل إمكانيات شعبنا ومتعهدينا، بدلاً من إرساء موديلٍ قادمٍ من الأعلى.  
يعتمد اقتصادنا، مثل ديمقراطيتنا، على أساس الأمن والاستقرار. إن ثقة شعبنا بالنظام الديمقراطي والإدارة الاقتصادية أكبر ثقةٍ. فالأمن والاستقرار المستمرين منذ ال12 سنة الأخيرة أضافا قوةً إلى قوة شعبنا وزادا رفاهه باستمرارٍ.
 
طبَّقْنا السياسة الاقتصادية بإرادة سياسِيَّةٍ قوِيَّةٍ. وأوفينا بعهودنا، ولم نكن خادعين ولا مخدوعين.
عندما تزامن تطور النمو والتنمية الاقتصادية في تركية مع الإصلاحات السياسية تحقق النجاح في حياتنا السياسية المتعددة الأحزاب. فقد نفذنا قبل كل شيء الإصلاحات السياسية والاقتصادية متزامنتين معاً. واتخذنا خطواتٍ لتمهيد الطريق أمام المشاركة الديموقراطية للشعب. كما حدث في الاستفتاءات التي جرت عام 2007 و2010، وتعرضنا في سبيل تحقيق ذلك إلى معارضاتٍ وعراقيل.
في النظام القانوني الفعال المستند إلى المعايير المعاصرة؛ تحتل التنمية الاقتصادية مكانها في الدرجة الأولى فيه. ونظامٌ قانونيٌّ يوفِّرُ الأمن في الأرواح والممتلكات، ويرتقي فوق الجدل اليومي ويكون منغلقاً على المزاجيات؛ يتيح تنفيذ النشاطات الاقتصادية في جوٍّ من الثقة والقدرة على التنبؤات.
التعديلات الدستورية التي أجريناها، واللوائح الدستورية الجديدة التي قمنا بها خصوصاً في مجال الإصلاح القضائي هي من نتائج ضمان اقتصادي  قوي.
يقلل الوسط الذي فيه منع المنافسة غير المشروعة، وتتم فيه حماية حقوق الملكية الفكرية، وعدم انتهاك حقوق المستهلك، وعدم التمييز بين أطراف العاقدين؛ يتراجع فيه عدم الوضوح، ويزداد فيه الاستثمار والإنتاج وفرص العمل.
يمكن بناء التنمية الاقتصادية الدائمة في ظل نظام ديموقراطي متطور. تشكل حماية الحقوق الأساسية  واحترام الحريات الأساسية والقواعد وكافة المؤسسات في دولة الحقوق؛ القوى المحركة الرئيسية للسوق الاقتصادية.
لا يمكننا تحقيق النجاحات الاقتصادية مستقلاً عن التحول الديموقراطي.  لقد حققنا تغييراً في طريقة التفكير، واتخذنا التدابير اللازمة لمنع التكهنات والتدخل غير العادل في الأسواق والاقتصاد. وبينما كنا نقوم بترتيب الإصلاحات المصرفية من جهة، كنا من جهة أخرى نتخذ خطواتٍ لضمان الانضباط المالي. وقد حققنا في الاقتصاد في تركية توازنه الكلي.
ارتفع الدخل القومي إلى أربعة أضعاف. وارتفع الناتج القومي من 230 مليار دولار عام 2002 إلى 823 مليار دولار في نهاية عام 2013 . وأزلنا الأصفار الستة من ليرتنا، وتحولت عملتنا إلى سمعة معتبرة. وأعدنا هيكلة القطاع المصرفي، وأنهينا ديوننا لصندوق النقد الدولي، بل فتحنا لها إمكانية القروض.
وقد استطعنا أن نحول التضخم الاقتصادي الذي كان يسرق دخل مواطنينا على مدى عشرات السنين، إلى خانةٍ واحدةٍ. وخفضنا أسعار الفائدة إلى الآحاد. ورفعنا احتياطيات البنك المركزي من 28 مليار دولار إلى 136 مليار دولار. وقلت البطالة، وأوصلنا عائدات الدخل إلى شكلٍ أكثر عدلاً. أثناء فترة رئاستنا حطمت الصادرات الأرقام القياسية، فبينما كان يصل عام 2002 إلى 36 مليار دولار وصل هذا العام 156 مليار دولارٍ. وعندما كان مجموع أقصى ما جذبته  تركية خلال تاريخ الجمهورية من الاستثمارات الأجنبية 15.1 مليار دولارٍ؛ وصلت هذه الاستثمارات في فترة استلامنا للسلطة إلى 133.7 مليار دولارٍ.
نحن لم نتساهل في انضباط الميزانية أبداً. فقد انخفضت الديون الداخلية لدينا وتم خفض العجز في الميزانية.
بنينا سياستنا الاقتصادية على مبادئ "الشفافية" و"الثبات" و"التنبؤ" و"الاستمرارية". ويجري تقاسم سياساتنا ونتائجنا مع الجمهور بشفافية، وحرصنا على أن تكون جميع التطبيقات متماسكة مع بعضها. وقمنا بتشكيل وسط يستطيع الشعب و صانعو  القرار الاقتصادي فيه من التنبؤ. وساد مفهوم مساءلة إدارة الدولة. وتحركنا من خلال إدراكنا أن السلطة التي منحنا إياها الشعب هي أمانة محددة الوقت.
أظهرنا إرادة قوية في مكافحة الفساد. وكثفنا الجهود لتمكين القضاء من العمل براحةٍ، وليتمكن من تدقيق كل أنواع الدعاوى بحساسية، وعدم إغلاق أية قضية فساد. وقطعنا الطريق على المستغلين.
صار هدفنا الأساسي في السياسة الاقتصادية أن نسعد الناس ونزيد من رفاهيتهم. وقد قمنا بتوحيد سياستنا الاقتصادية مع سياستنا الاجتماعية القوية في عالم التنافس اليوم من أجل الإنسان ومن أجل الإنسانية، مع إدراكنا أن الاستثمارات التي تقدم للمجتمع السليم تكون في نفس الوقت استثمار للإمكانيات الاقتصادية.
يزداد هذا النهج الأساسي  قوة مع ازدياد قوة العمالة الصديقة، فعندما وضعنا دولتنا كمركز جذب سواء لرؤوس الأموال أو للعقول المفكرة، كنا نسعى لمجتمع يتكون من أناس سليمين ومؤهلين.
بينما تحوّل هذه المقاربة الأساسية التي تقوى تدريجياً مع نمو العمالة الصديقة بلدنا إلى مركز جذبٍ سواء لرؤوس الأمول أو العقول المفكّرة؛ يقوم مجتمعٌ يتكون من أفرادٍ سليميين ومزوّدين بخدمة هدفنا.
من أجل فهم النجاح الذي أحرزناه في الاقتصاد بشكلٍ أفضل، يكفي أن نتذكَّر العهود التي سبقتنا. فقد حققنا تحولاً ملحوظاً في الاقتصاد كما هو الحال في كل مجالٍ من مجالات الحياة تقريباً مقارنةً مع الماضي.
استمر اقتصادنا بالنمو حتى في أوساط الأزمة العالمية. في الفترة الواقعة بين 2003 و2013 بلغ متوسط معدل النمو السنوي لدينا 5.1%. عندما كانت المنطقة الأوروبية تسجل تناقصاً في معدل النمو والولايات المتحدة الأمريكية تسجل معدل نموٍ دون 2%، والبرازيل وروسية تسجل حوالي 2-3%؛ سجلت تركية في عام 2013 معدل النمو قدره 3.6%. يعتبر صندوق النقد الدولي أن تركية ستكون ثاني أسرع البلدان نمواً في أوروبة. 
 
جميع هذه النجاحات زادت من قوة صادراتنا وإنتاجنا واستقرارنا وأوصلتها إلى مستوياتٍ جديدةٍ. على الرغم من الأزمة التي يعاني منها العالم اليوم، فإن أداء تركية أداءٌ يحسده العالم بأسره.
لقد وفّرت تركية اليوم توازنها واستقرارها الكبير. أما في السنوات الـ 10 المقبلة فعليها أن تتوّج نموها هذا بنجاحاتٍ اقتصاديةٍ صغيرةٍ.
يجب أن يكون هدفنا الأساسي في الطريق إلى 2023 زيادة مستوى الرفاه لبلدنا، ورفع أكبر لإمكانية النمو في سياق الهدف النهائي وزيادة فرص التوظيف.
سيكون اقتصاد تركية اقتصاداً يتطور وينمو ويقوى من المحيط إلى المركز. ينبغي علينا أن نستمر في الإصلاحات السياسية والإدارية التي حققناها في الإدارات المحلية مع الإصلاحات الاقتصادية. ينبغي علينا أن نحول كل مدينةٍ من مدننا إلى قاعدةٍ للإنتاج والاستثمار والعمالة وأن نُخرج مدناً تكون ماركةً عالميةً.
لقد زاد إنتاجنا على نطاقٍ كبيرٍ منذ 2002 حتى اليوم وبلغ أعلى الأرقام في تاريخ الجمهورية. حتى نستطيع تحقيق هدفنا هذا، ينبغي علينا أولاً أن نقلل من اعتماد إنتاجنا على الواردات.
ينبغي علينا أن نطبّق سياسات الطاقة المتكاملة ونقيم تنسيقاً تآزرياً اقتصادياً مع منطقتنا وجيراننا لسدّ حاجة بلدنا من الطاقة.
ينبغي علينا أن نهدف إلى الاستثمار في المنتجات التي تستطيع أن تنافس على المستوى العالمي وذات القيمة المضافة العالية والتكنولوجيا الكثيفة لزيادة قوة اقتصادنا ووزنه على مستوى العالم.
هدفنا أن تكون تركية قويةً وذات قوةٍ تنافسيةٍ عاليةٍ على النطاق العالمي وتستطيع أن تتشبث بمقاييس الاتحاد الأوروبي في كل مجالٍ وتتحول إلى مجتمع علمٍ.
مرةً أخرى يجب أن يكون القطاع الخاص طليعة النمو الكبير  الذي سنقوم بتأمينه في الطريق إلى 2023. ينبغي علينا أن نستمر في تطبيق السياسات التي تفتح الطريق أمام القطاع الخاص. من أجل هذا، ينبغي علينا أن نواصل الإصلاحات التي ستزيد قوة المنافسة وستحقق ازدياد الإنتاج في قطاع المال والخدمات إلى جانب المحافظة على استقرار الاقتصاديات الكبيرة.
ينبغي علينا أولاً أن نشجع وندعم الماركات وبراءات الاختراع والبحث والتطوير لزيادة تنافسية شركاتنا الصناعية والمقدامة على مستوى عالٍ. علينا أن نعطي الأهمية والأولوية لقروض المشاريع والتصدير بدلاً من قروض الاستهلاك لزيادة الاستثمار والعمالة.
في الطريق إلى تركيا الجديدة، ينبغي علينا أن نستمر دون توقفٍ أو ترددٍ في القيام بما يلزم لنكون دولةً اجتماعيةً عصريةً بمفهوم "العدالة أساس الملك".
في غضون ذلك، ينبغي علينا أن نستمر في التحسينات الجارية في توزيع الدخل وتقسيم الرفاهية، بينما نحافظ على النمو المستقر. ينبغي علينا أن نقوي أكثر الطبقة المتوسطة ونزيد أكثر من قوة استهلاك الطبقة ذات الدخل الأدنى.
في عام 2011 كنّا قد أعلنّا عن منظورنا لعام 2023.
الهدف الرئيسي لمنظور 2023 أن تكون تركية بين الاقتصاديات العشر الأولى في العالم من حيث حجم الناتج المحلي الإجمالي.
وهذه هي أهدافنا الاقتصادية الأساسية الأخرى:
إبقاء معدلات التضخم والفائدة في أرقام أحادية المنزل،
زيادة صادراتنا السنوية إلى 500 مليار دولار،
إيصال الدخل القومي لكل فردٍ إلى 25 ألف دولار،
رفع الدخل القومي السنوي إلى 2 تريليون دولار،
تحويل اسطنبول إلى مركزٍ عالميٍ للتجارة والتمويل.
 
 ينبغي علينا أن نضاعف جهود كافة الشعب والمؤسسات والمجتمع المدني نحو تحقيق أهداف 2023 وتوجيهها بشكلٍ أخويٍ. فشعبنا وبلدنا يملكان القوة التي ستحقق هذه الأهداف وتتجاوزها.
إن منظور 2023 تكسب جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التسارع والاندفاع. ليس قطاعنا الخاص فحسب من يحدد أعماله واستراتيجياته تبعاً لهذا المنظور، وإنما مؤسساتنا العامة أيضاً تقوم بالفعل ذاته.
نسلسل هنا تطلعاتنا حول بعض القطاعات الهامة وفقاً لمنظور 2023:
الصناعة والتجارة: قمنا في هذا المجال بتحقيق خطواتٍ كبيرةٍ. وقفنا دائماً إلى جانب الصناعيين والشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم (KOBİ) والتجّار والحرفيين والفنانين بدءاً من تحسين وسط الاستثمار وصولاً إلى المعونات العينية والنقدية، من تسوية التشريعات إلى تقليل البيروقراطية، من بناء المنطقة الصناعية المنظمة (OSB) ونظام الإكساء (KSS) إلى إنشاء بنيتها التحتية، من تقليل أعباء أقساط الضرائب والتأمين إلى تخفيف عبء الفائدة. عندما وقعوا في مأزقٍ، قمنا بهيكلة ديونهم وتأمين تسهيلات الدفع.
منذ عام 2011 إلى اليوم، نقوم بتطبيق خطة العمل ووثيقة الاستراتيجية الصناعية. قمنا بتنفيذ 85% من المشاريع. في السنوات الـ 10 الأخيرة، صعدت صناعتنا من التكنولوجية متدنية المستوى إلى التكنولوجية متوسطة المستوى. أما في السنوات الـ 10 المقبلة، فعلينا أن ننتقل إلى التكنولوجية المتقدمة.     
 في منظور 2023 نتطلع إلى هيكلٍ يتكون من شركاتٍ قويةٍ، مقدامةٍ، تستطيع أن تصل بسهولةٍ إلى أسواق التمويل، ومبتكرةٍ، وتنافسيةٍ، وتتبنّى ثقافة العمل المشترك. في هيكلٍ يدير وجهه نحو الخارج، يجب أن يصبح بلدنا مركز إنتاج في أوراسيا ينتج التكنولوجية المتوسطة والعالية، وتملك شركاتٍ تنتج سلعاً ذات قيمة إضافيةٍ عاليةٍ، وتعتمد على البحث والتطوير، وعلى أيدٍ عاملةٍ مبتكرةٍ ومؤهلةٍ.      
الزراعة: قطاعٌ اقتصاديٌ هامٌ جداً بالنسبة لبلدنا. إنه مجالٌ يوفر الدخل لقسمٍ كبيرٍ من مواطنينا.
في الزراعة أيضاً حققنا تحولاً وتغيراً هيكلياً كبيراً. أسفرت الاستراتيجيات التي طبّقناها والمعونات التي قدمناها عن تأمين نموٍ مستقرٍ في القطاع.
في السنوات الـ 11 الأخيرة، قدمنا لمزارعينا دعماً مالياً نقدياً بمبلغ 60 مليار ليرةٍ تركيةٍ تقريباً. بفضل المشاريع الجديدة التي أطلقناها زدنا الإنتاجية والقيمة المضافة في القطاع.
ارتفع دخلنا القومي الزراعي من 24 مليار دولار إلى 61 مليار دولارٍ. ارتفعت المكانة التي نحتلها على مستوى العالم من حيث الدخل القومي الزراعي من المرتبة الـ 11 إلى المرتبة الـ 7 ، وعلى مستوى أوروبة من المرتبة الـ 4 إلى المرتبة الأولى. بلغت صادراتنا الزراعية 18 مليار دولار.
إن هدفنا الأساسي ونحن نتقدم باتجاه 2023 أن تكون تركية بلداً تغذي سكانها بأغذية سليمةٍ، وكافيةٍ، وذات جودةٍ عاليةٍ، وتطور موقعها التصديري الواضح في منتوجاتها الزراعية، وتزيد من قدرتها التنافسية، وتكون صاحبة الكلمة في المجال الزراعي في العالم وفي منطقتها.
يجب أن تكون تركية واحدةً من البلدان الخمسة الأولى في العالم من حيث حجم الاقتصاد الزراعي. ينبغي علينا أن نزيد الإنتاجية فنرفع دخلنا القومي الزراعي إلى 150 مليار دولار وصادراتنا من المنتوجات الزراعية إلى 40 مليار دولار.
المواصلات والاتصالات: قمنا بتنفيذ العديد من الأعمال الكبيرة التي من شأنها أن تسّهل حركة مواطنينا وتجارتهم وسياحتهم داخل البلد وخارجه. قمنا بنتفيذ المشاريع التي ستصبح مثالاً يحتذى بها العالم في الطرق البرية والجوية والبحرية والسكك الحديدية.
في السنوات الـ 12 الأخيرة، خصصنا أكبر حصةٍ من الاستثمارات العامة لاستثمارات المواصلات والاتصالات. إنه من الممكن رؤية نتائج جميع هذه الاستثمارات في الآثار العملاقة التي تثري حياتنا الاقتصادية والسياسية والثقافية.
في عام 2003 رفعنا شبكة الطرقات المجزأة بطول 6100 كم إلى 23 ألف كم لزيادة الأمان في النقل عبر الطرق البرية، ولرفع طرقاتنا إلى جودةٍ في المقاييس العالمية، وتقديم أفضل المواصلات البرية للمناطق التي تم إهمالها منذ سنوات، والقضاء على عدم المساواة الإقليمي.
بدأنا المشاريع الكبيرة في مجال الطرق البرية. في الفترة المقبلة سوف تبدأ الاستثمارات العملاقة بدخول الخدمة؛ مثل نفق أوراسيا الذي تم تصميمه من أجل مرور المركبات ذات العجلات البلاستيكية تحت البوسفور، وجسر السلطان ياووز سليم لؤلؤة البوسفور الجديدة، والطريق السريع اسطنبول- إزمير الذي يوجد فوقه جسر عبور الخليج.
والسكك الحديدية التي تم إهمالها منذ سنوات قمنا نحن بتقويتها وتعزيزها. وضعنا مرمراي المعروفة باسم مشروع المائة قرن في خدمة الشعب. والقطار السريع (YHT) يلتقي مع اسطنبول بعد قونية وأسكي شهير. نقوم بتوسيع شبكة القطار السريع لتضم إزمير وأفيون وأوجاق وبورصة ويوزغات وسيواس وأرزينجان وقرمان. أما عندما يتم الانتهاء من مشروع طريق الحرير الحديدي باكو- تفليس- قارص سيكون قد تم إنشاء سكة حديدية غير منقطعة تصل من بكين إلى لندن.وفي طرق النقل الجوي قطعنا شوطاً كبيراً. بات الطيران التركي ماركةً عالميةً. زدنا عدد المطارات. قمنا بتطوير القدرة الاستيعابية للمطارات الموجودة. خطونا خطواتٍ هامةٍ في سبيل جعل بلدنا إحدى مراكز الترانزيت العالمية. باتت شركة الطيران الوطنية التي هي أحسن شركات الطيران في أوروبا ماركةً عالميةً.
جعلنا الطرق الجوية طريق الشعب. بينما كان 34 مليون شخص يسافرون عبر الطرق الجوية قبل 12 سنةً، تجاوز هذا الرقم اليوم الـ 150 مليون. رفعنا عدد المطارات التي يجري عبرها السفر المبرمج داخل البلد من 26 إلى 52. زدنا عدد النقاط التي ينطلق منها طيراننا الوطني خارج البلد من 60 إلى 236. هدفنا أن نجعل طيراننا الوطني الأسطول الجوي الرائد في أوروبة.
سنقترب من هذا الهدف من خلال المطار الثالث الذي بدأنا في تشييده هذه السنة في اسطنبول، وسنعزز موقعنا كنقطة اتصال بين أوروبة وآسية والشرق الأوسط.
باتت تركية تُصنف ضمن البلدان التي تنتج وتطور الأقمار الصناعية. نهدف إلى إرسال أول قمر صناعي للاتصالات محلي الصنع إلى الفضاء في عام 2018. علاوةً على ذلك، سيتم توسيع مجاله حتى يشمل إفريقية مع القمر الصناعي 4A الموجود حالياً في الفضاء والقمر الصناعي 4B الذي سيتم إطلاقه بعد مدةٍ قصيرةٍ. 
وفي الملاحة البحرية خطونا خطواتٍ كبيرةٍ. إن قطاع الملاحة البحرية القوي هامٌ للغاية من حيث تطوير تجارتنا، وانفتاح اقتصادنا على الخارج، وتكامله مع اقتصاديات العالم، وتحقيق أهدافنا الاقتصادية الأخرى. بدأنا بتطبيق الوقود في القطاع البحري دون دفع ضريبة الاستهلاك الخاصة (ÖTV). وهكذا تم تأمين ارتفاع عدد المسافرين عبر الملاحة الساحلية بمعدل 64% وعدد المركبات بمعدل 82%. صعد الأسطول التركي إلى المرتبة الـ 13 في الترتيب العالمي. وصل عدد الترسانات التي كان عددها 37 في عام 2003 إلى 72. أنجزنا البنية التحتية لمطار جندارلي في إزمير. ما زالت مناقصة مطار فيليوس مستمرةً. وأعمال مشروع مطار الكونتينر  في مرسين مستمرةٌ.
في الـ 12 سنة قمنا باستثماراتٍ وتنظيماتٍ هامةٍ في الطريق الممتد إلى مجتمع العلم. قمنا بتحرير قطاع الاتصالات وتكوين الوسط التنافسي. أنشأنا قاعدة البيانات للمعلومات فرفعنا بلدنا لتكون بين البلدان الخمسة الأولى في أوروبة في مجال الاتصالات. كان عدد مشتري الحزمة الواسعة 20 ألفاً فقط في عام 2003، واليوم أصبح يقارب 33 مليون. بفضل جميع هذه الاستثمارات والتنظيمات، تجاوز حجم قطاع المعلوماتية اليوم 47 مليار دولار بعد أن كان 11.5 مليار دولار في عام 2003. نتوقع أن يكون هذا الرقم حوالي 160 مليار دولار في عام 2023.
 
إن فكرة بنك الـ PTT المتشكل بتكنولوجية المعلوماتية تسهّل أعمال المواطنين. بات مواطنونا قادرين على القيام بمعاملاتهم بنقرةٍ واحدةٍ من خلال تطبيقات الدولة الإلكترونية.  
في الطريق إلى 2023، ينبغي علينا أن نترك بصماتنا على أعمالٍ تتجاوز جميع هذه الأعمال التي أجريت في مجال المواصلات والاتصالات. يجب أن يكون من أولوياتنا الأساسية أن تبلغ المواصلات والاتصالات بين كل زاويةٍ من زوايا بلدنا مع زوايةٍ أخرى ومع العالم أعلى مستوياتها. ينبغي علينا أن لا نركز فقط على القضاء على الفاقة ونشر الخدمة وإنما نركز أيضاً على رفع جودة الخدمة التي يتم تقديمها بصورةٍ أكبر. سنرى التأثيرات الإيجابية لهذا في نمو الاقتصاد وازدياد الصادرات وانتشار الرفاهية وتقوية الروابط الاجتماعية والثقافية.
سجلت الصناعة الدفاعية قفزةً كبيرةً في فترة حكمنا. فنحن اليوم نصنع الأقمار الصناعية الخاصة بنا، وبنادقنا المحلّيّة، والطائرات بدون طيار الخاصة بنا، وطائرات الهليكوبتر، والدبابات، والسفن الحربية. وأصبحت شركة ASELSAN وTAI بين أكبر شركات الصناعة الدفاعية في العالم.
إن بلدنا في السنوات العشر الأخيرة بينما كان يقوم بتحديث قواته المسلحة من جهة؛ كان في الوقت نفسه قد طوّر صناعته الدفاعية أيضاً. وكان قد شهد تحوّلاً هيكليّاً في الصناعة الدفاعية، وتصدّر تصميم الإنتاج المحلي وهندسته بشكلٍ رئيسيٍّ. ووصلت عائداتنا من الطيران والدفاع التي كانت 1 مليون دولار في عام 2002 إلى 4.7 مليون دولار في عام 2013.
وفي عام 2023، ينبغي أن يكون هدفنا الأساسي جعل تركية من بين الدول العشر الأولى الأكثر تطوراً في الصناعة الدفاعية.
وكما ينبغي أن يكون هدفنا رفع عائدات قطاع الطيران والصناعة الدفاعية التي تجاوزت 5 مليارات دولار حالياً إلى عشر مليارات دولار في فترة الخمس سنوات المقبلة. وعلينا اتباع سياسات باتجاه الحصول على نصف هذه العائدات على الأقل من التصدير.
وكما بدأنا بأعمال كبيرة في موضوع العمالة والتوظيف. ولم نضع العمال والمتقاعدين والموظفين لدينا تحت تأثير التضخّم. ورفعنا معدّل دخل الموظف بنسبة 306 بالمئة. ورفعنا أدنى معاش تقاعدي من مؤسسة الضمان الاجتماعي بنسبة 285%، وأدنى معاش تقاعدي من ”باغ كور“ الزراعية بنسبة 811%، وأدنى معاش تقاعدي من ”باغ كور“ للتجّار بنسبة 440% ، وأدنى معاش تقاعدين للموظفين بنسبة 248%.
وبمفهومنا "نمو التوظيف الصديق" فتحنا المزيد من أبواب العمل أمام مواطنينا، وتراجعت نسبة البطالة. وارتفع معدل المشاركة في القوى العاملة إلى 51 بالمائة. وارتفع هذا الرقم بالنسبة للنساء إلى 32.7 بالمائة. وازدادت نسبة مشاركة القوى العاملة في فترة حكمنا وعند النساء على وجه الخصوص إلى ما يقارب خمس نقاط.
وزدنا مستوى العمالة الإجمالي من 19.4 مليوناً في عام 2002 إلى 25.7 مليوناً في عام 2013. وفي فترة تولّينا لرئاسة الوزراء فتحنا أبواب عملٍ جديدةٍ أمام 6.3 مليون من مواطنينا. وبحلول نهاية عام 2014 سترتفع العمالة إلى مستوى 26.3 مليوناً.
وفي عام 2023  نهدف إلى امتلاك قوة عاملة أكثر مهارةً، وعملاً أكثر أمناً، وحياةً عمليةً أكثر جودة. وعلينا متابعة السياسات التي تعزز العلاقة بين التعليم والتوظيف، والتي تجعل سوق العمل أكثر مرونة، والسياسات التي تزيد من توظيف النساء والشباب والمجموعات المحرومة.
قدمنا دعماً غير مسبوقاً في مجال البحث العلمي والتطوير والابتكار. وحطمنا أرقاماً قياسيةً، واحدةً تلو الأخرى في مجال المشاريع العلمية والمنح الدراسية العلمية وبراءات الاختراع. وأسسنا 52 مركز تطويرٍ تكنولوجيٍّ. ووفّرنا لقطاعنا الخاص حوافز كبيرةً في مشاريع البحث والتطوير والابتكار. رفعنا نسبة الإنفاق على الأبحاث والتطوير من الدخل القومي إلى الضعف ليقترب من 1 بالمائة.
وعلينا رفع هذه النسبة في عام 2023 إلى 3 بالمئة. كما قمنا بارسال قمرنا الصناعي المحلي لمراقبة الأرض غوكتورك 2 إلى الفضاء. ونجحنا وبإمكانياتنا المحلية في إنتاج وقود للصواريخ، والتي يتم إنتاجها من قبل بعض الدول المتقدمة في العالم فقط، والتي يتم استيرادها من الخارج حتى الآن.
حتى عام 2023 يجب علينا أن نزيد من الدعم المقدّم للعلم والتكنولوجيا؛ ولذلك نفكر في ضرورة اتباع السياسات التي تعزز قوتنا العلمية، وتركز على النتائج، وتعمل على تطوير منتجات بلادنا الأصلية في القطاعات الحيوية، وتقدم مساهمة كبيرة لتطوير صناعتنا.
السياحة، مصدر مهم جداً من مصادر الدخل لدينا. وفي السنوات الـ 12 الأخيرة سجَّلَ بلدنا تطوراً مهماً جداً في مجال السياحة كباقي المجالات. وارتفعت تركية التي كانت في عام 2002 في المرتبة 17 من الدول الأكثر زيارة في العالم  إلى المرتبة السادسة بحلول عام 2013 وذلك بقدوم 38 مليون سائح. وكان قد احتل بلدنا الترتيب العاشر في تصنيف عائدات السياحة بقيمة 32.3 مليار دولار.
وفي إطار التوجهات السياحية الجديدة في العالم نهدف إلى تطوير أنواعٍ بديلةٍ للسياحة، كالسياحة الساحلية وسياحة المؤتمرات والسياحة الدينية والصحية والرياضية ونهدف إلى جعل كل منطقة في بلدنا مركزاً لجذب السيّاح. وفي هذا الإطار ارتفع بلدنا الذي كان يحتل في عام 2002 المرتبة الـ 31 في التصنيف العالمي لسياحة المؤتمرات إلى المرتبة الـ 19 في عام 2013. واحتلت اسطنبول أيضاً منذ عام 2011 وحتى الآن المرتبة الأولى عالمياً في تصنيف المؤتمرات بحضور أكثر من 500 مندوب.
في عام 2023 علينا الاستمرار في العمل، تماشياً مع هدفنا لنكون من بين الدول الخمس الأولى عالمياً في عدد السيّاح وإيرادات السياحة، ونهدف للوصول إلى 50 مليون سائحٍ، والحصول على عائدات سياحة بقيمة  50 مليار دولارٍ.
كما سجّلنا قفزةً كبيرةً في مجال الطاقة. وأوصلنا مسابر الحفر للتنقيب عن المعادن في القطاعين العام والخاص  التي كانت 100 ألف متر في عام 2002 إلى مستوى مليون و500 ألف متر في عام 2012. ورفعنا صادراتنا المعدنية التي كانت تقدر بحوالي 600 مليون دولار في عام 2002 إلى أربعة مليارات دولارٍ بنهاية عام 2012. وبينما كانت قيمة قطاع التعدين ضمن الناتج المحلي الإجمالي في عام 2002 بمقدار 1.9 مليار دولارٍ فإن هذا الرقم ارتفع إلى 11.7 مليار دولارٍ في عام 2012.
وبفضل الأعمال التي قمنا بها وصلت اليوم حصة القطاع الخاص في القدرة الكهربائية المثبتة إلى مستوى 66 بالمائة وكانت في مستوى 34 بالمائة في عام 2002. وخصصنا 21 شركة توزيع كهرباء بالكامل.
ورفعنا استثماراتنا في الإنتاج والتنقيب عن النفط بنسبة تسع أضعاف. ونقوم بتطوير استراتيجيات بحث جديدة لتلبية حاجاتنا المتزايدة يومياً من النفط والغاز الطبيعي من المنابع المحلية والأجنبية.
إن استراتيجيتنا الأساسية في مجال الطاقة هي أن نربط مناطق الشرق الأوسط والقوقاز في آسيا الوسطى والبلقان جنوب شرق أوروبا المحيطة بنا والتي تمتلك أكبر ثلاث أحواض ببعضها البعض عبر ممرات للطاقة. ويجب علينا في هذه العملية تنفيذ خططٍ طويلة الأمد لكي لا تكون تركية بلد لعبور الطاقة فحسب، بل تتحوّل أيضاً إلى مركز لتوزيع النفط والغاز الطبيعي. ويعتبر توقيعنا لإتفاقية تاناب (TANAP)  مع أذربيجان خطوةً كبيرةً في هذا المجال. وفي الفترة المقبلة، وفي هذا الإطار سيكون أنسب خيارٍ لإيصال الموارد الهيدروكربونية الموجودة في العراق وحكومة إقليم كردستان وشرق البحر المتوسط إلى الأسواق الدولية والأوروبية هو عبر تركية.
ورؤيتنا لعام 2023 في مجال الطاقة؛ هو أن ننشئ نظام للطاقة يستخدم الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء ويقيّم موارد الطاقة المتجددة والمحلية بأعلى المستويات، ويقلّل أثر النفايات والطاقة على البيئة إلى الحد الأدنى، ويعزّز موقعها الاستراتيجي في تجارة الطاقة الدولية، وأن يكون نظاماً تنافسيّاً أيضاً.  
3.3. الإدارات المحلية والبيئة
كلمة "المدنيّة" تأتي بمعنى "المدينة"، وهي مشتقة من كلمة "مدينة". ولذلك فإن المدنيّة تظهر نفسها في المدينة، وفي تصميم المدينة، وهندستها المعمارية، وحياتها، وثقافتها.
ونحن كأمَّةٍ أصحابُ حضارةٍ عظيمةٍ. لكنَّ مدُنَنا انحرمت لفترةٍ طويلةٍ من هويتها وشخصيتها وأصالتها بوجود إداراتٍ رافضةٍ لذاتها وتقاليدها ومثاليّاتها. وتحوّلت معالمنا التاريخية و بيوتاتنا وشوارعنا وحاراتنا وساحاتنا إلى حالة حربٍ. وبمقدار ما دمّرت فيها أماكِنُنا؛ دمِّر فيها شعبنا أيضاً. وأُقصي الإنسان من أن يكون محور المدينة ومركزها. وتعرضت سعادة شعبنا الذي يعيش في مدنٍ ليس لها هويةٌ، وطمأنينته، وثقته بنفسه؛ إلى تخريبٍ كبيرٍ.
ونحن في إداراتنا المحلِّيَّة وفي إداراتنا للبلاد على حدٍّ سواء، سعينا جاهدين بكلِّ قوَّتِنا لإيقاف هذا التخريب المتَّجِهِ لقِيَمِنا. وقمنا بحلِّ مشاكل مُدُنِنا التي ليس لها بُنىً تحتِيَّةً كافيةً، ولا طرقاً إسفلتِيَّةً مُعَبَّدَةً، ولا طرقاً ساحليَّةً، ولا ماءً، والتي تعاني من انقطاع الماء والكهرباء، وتنتشر فيها البيوت غير النظامية، وتغيض فيها بركة التجارة، وتتلوث فيها البحار، ويعيش فيها الملايين من الناس تحت خطِّ الجوع والفقر، نعم قمنا بحل مشاكلها وأصبحنا لهم نفساً جديداً. وفتحنا عهداً جديداً في شؤون البلديّات. وأخرجنا للناس مفهوم العمل البلديِّ الرائد في البنى التحتية، وبناء المساكن، ومشاريع النقل.
قمنا بالقضاء على معظم حالات الحرمان بالحوار مع شعبنا بمقارباتٍ ونهجٍ عقلانيٍّ. قمنا بتشييد الطرق والشوارع والحدائق العامة والشبكات الحديدية والمساحات الخضراء، وكل ذلك من أجل مدننا وشعبنا المدني. حققنا استثماراتٍ كبيرةً من أجل بيئةٍ أكثر صحةً ونظافةً. وقامت بلدياتنا بدعم مواطنينا المعاقين والمحتاجين والفقراء. وتغيّرت ثقافة الإدارة المحلية، ووصل نطاق الخدمات المقدمة لمواطنينا وجودتها إلى مستوياتٍ عاليةٍ.
تم زيادة الصلاحيات، وحصص الضرائب الممنوحة للإدارات المحلية. وبذلك قامت البلديات بالمزيد من الاستثمارات، ووصلت إلى وضعٍ تقدم فيه الخدمات بمستوياتٍ عاليةٍ ومتنوعةٍ وأكثر فاعليةٍ.
منعت المساكن العشوائية في مدننا.
وفي عشر سنوات وفي البلد بأكمله قمنا ومن أجل شعبنا وبأفضل الشروط ببناء 565.000 مسكنٍ حديثٍ في مبانٍ ذات جودةٍ عاليةٍ وفي ببيئةٍ جيدة. وبدأنا بتحويل 6.5 مليون وحدة سكنية. ونهدف إلى تحويل 500.000 مسكن حتى نهاية عام 2014.
 
فإن جذور الديمقراطية تستند إلى الإدارة المحلية. وبالنسبة لنا فإن النظرة الوصائية لم تكن مهيمنةً على إدارة البلد فقط، بل كانتْ مهيمنةً على الإدارة المحلية أيضاً. لقد بدأنا بحركتنا في التحوّل الكبير الذي يضع حقوق الإنسان وحرياته في المقدمة، ويتبنّى مفهوم دولة القانون والديمقراطية العالمية من الإدارات المحلية. و نفّذنا مفهوم العمل البلديِّ الاجتماعيِّ في البلد بأكمله كمفهوم للبلديات التي تنتج المشاريع وتنفذها.
أما الآن فنحن ندخل في مرحلةٍ جديدةٍ. وبينما نواصل القضاء على حالات الحرمان؛ يجب علينا أيضاً من ناحيةٍ أخرى أن ننجح في الأعمال التي تركّز على الإنسان المدنيّ، والأعمال التي تُغني ثقافة المدينة، والنظرة المدنيّة. وعلينا أن نواصل في بناء مدنٍ جميلةٍ بقدر ما هي وظيفيةٍ، وتاريخيةٍ بقدر ما هي حديثةٍ، واقتصاديةٍ بقدر ما هي خضراء.
وفي الفترة القادمة يجب علينا أيضاً أن نواصل بثباتٍ في طريق حل مشاكل شعبنا ومدننا. وعلينا الاستمرار في مشاريعنا الكبيرة، والبدء بمشاريع جديدةٍ. ويجب علينا أن نبلغ بمفهوم العمل البلديِّ التشاركيِّ البصير المبادِر إلى مستوياتٍ أكثر قوةً.
وعلينا أن نحدد رؤيةً طويلة الأمد لكلِّ مدينةٍ من مُدُنِنا. ويجب على كل مدينةٍ من مدُنِنا أن تُعَرِّفَ عن نفسها باقتصادها، وثقافتها، وميراثها التاريخي، وزراعتها، وسياحتها، وبتكاملها مع البلد. ومن ناحيةٍ أخرى يجب علينا أن نساهم لتكون مدُننا مدن ماركةٍ في التقنيات الأكثر تقدُّماً، وفي التكنولوجيات والتطورات والروابط التجارية والاقتصادية على المستوى العالمي.
هدفنا الأساسي في تركيا الجديدة أن نقدم لشعبنا خدمات بلديةٍ عالية الجودة، ومنظّمةٍ، وجميلةٍ، وخضراء... أن نجمَعَهُم بمدنٍ سعيدةٍ وصِحِّيَّةٍ. وعلينا أن نستمرَّ ببناء مدنٍ خاليةٍ من العوائق لجعل الحياة أسهل للأطفال، والمعاقين، وكبار السن، وكل المجموعات المحرومة.
يجب أن يكون هدفنا أن نبني مدناً جميلةً بقدر ما هي صالحةٌ للعيش. فالمدن الجميلة تعني أناساً لطفاء. يجب أن نستمر في إظهار هوية مدننا الأصيلة وميراثها التاريخي، أن نرتقي بهندستها المعمارية و هيكليتها إلى المستويات العالية بالمفهوم النَّوْعيِّ وليس الكمِّيِّ فحسب. ينبغي علينا أن نستمر ببذل جهودنا لإنشاء مدنٍ بعيدةٍ عن البناء العموديِّ، متوافقةٍ مع البيئة والطبيعة، ومدنٍ يعيش فيها شعبنا بسعادةٍ وفخرٍ. علينا أن نجعل مدننا أماكن صديقةٍ لشعبنا. يجب علينا الاستمرار وبإصرارٍ أن نجعل مدننا مدناً ذات هويةٍ وشخصيةٍ.
وتقدمنا ببلدنا خطوةً إلى الأمام في مجال البيئة. وشهدت الفترة الأخيرة ثورةً كبيرةً في موضوع حماية البيئة، وإزالة كل أنواع التلوث، وفي موضوع التشجير. وأكسبنا لبلدنا، ولأول مرةٍ، وبجهودنا الذاتية، وعلى نطاقٍ واسعٍ؛ التكنولوجيا البيئية الحديثة، ومحطات التنقية. بينما كنا نقدم خدمة معالجة المياه لـ 35% من سكان البلديات في عام 2002 استطعنا بالأعمال التي قمنا بها رفع هذه النسبة في عام 2013 إلى 72%. في عام 2002 كان عدد مكبات النفايات الصلبة 15 وبمساعدة اتحاد البلديات وصل عددها اليوم إلى 69. تقدم هذه المرافق الخدمات لـ 44.5 مليون شخصٍ في 903 بلديات. ويتم توليد الكهرباء في اسطنبول وأنقرة وغازي عنتاب أيضاً من مستودعات الغاز في سبع منشآتٍ لمكبات النفايات الصلبة.
ورفعنا عدد منشآت إعادة تصنيع وفرز وجمع نفايات الأغطية المرخصة من 28 إلى 806. وبهذا استطعنا إعادة تدوير 50% من نفايات الأغطية.
وحققنا مرحلة كبيرة أيضاً في تنظيف بحارنا. ونحن اليوم الرابع عالمياً في تقييم أصحاب العلم الأزرق للمسابح والمرافئ ”البلاج والمارينا“.
ومنذ عام 2005 وحتى يومنا الحالي وفّرنا دعماً مالياً بمساعدة الاتحادات والإدارات المحلية بقيمة 840 مليون ليرةٍ تركيةٍ لإقامة مشاريع كالصرف الصحي ومحطات معالجة المياه ومكبات النفايات الصلبة بهدف إزالة تلوث البيئة.
أما على مستوى البيئة، فينبغي أن يكون هدفنا في تركيا الجديدة إنشاء نظام إدارةٍ بيئيةٍ وفق المعايير العالمية، لرفع جودة المعيشة إلى أعلى المستويات، وذلك لإنشاء التوازن الأمثال بين التنمية الاقتصادية والبيئة.
رؤيتنا لعام 2023 تقليل مشاكل المرور إلى الحد الأدنى، وتأمين وسائل نقلٍ مريحةٍ، وتوفير الهواء النظيف والطبيعية النظيفة ذات جمالية رفيعة المستوى، واقتصادٍ قويٍّ، كما يجب أن ننقل عملية بناء المدن والبيئة الملائمة التي تتيح للناس العيش بسلامٍ وسعادةٍ إلى مستوياتٍ عاليةٍ.  

الدولة الرائدة

4.1  تركيا الجديدة والعالم
إن انتهاء الحرب الباردة أدى إلى إيجاد نظام دينامكي ذو أبعادٍ متعددة الأقطاب بدلاً من نظام القطبين. وقد منح وقوع بلادنا الاستراتيجي في نقطة التقاء أوربة وآسية وإفريقية  فرصاً عديدة إلى جانب المخاطر الحديثة.
وإننا نعمل في النظام العالمي المتوسع والمتغير بسرعةٍ،  على تطوير مصالحنا الوطنية بمفهوم الإنصاف والعدالة العالمية دون المساس بمبادئنا.
وقد تكاملت التحولات السياسية والاقتصادية والثقافية التي أنجزناها خلال الاثني عشر عاماً الأخيرة، لدينا بالتزامن مع السياسة الخارجية. وصارت تركية اليوم عضواً عالمياً فعالاً محترماً في منطقتها  وفي العالم.
إن موقفنا في السياسة الخارجية هو موقف أمتنا. وبفضل ذلك فإن بلادنا في هذه المرحلة التي تتشابك فيها الفرص والتهديدات، صار لها دورٌ هامٌّ، يسهم في الاستقرار والسلام.
عندما كنا نقوم بكل ذلك كنا نستمد القوة من أمتنا. والإنجاز الأكبر لنا هو أننا لم نترك أمتنا لقمةً سائغةً في يد السياسة الخارجية. وها هي الآن كل مؤسساتنا الرسمية بمفهومنا للإدارة الاستراتيجية؛ تساهم في السياسة الخارجية بشكل فعّالٍ وحازمٍ. وقد اكتسبت  كل مؤسساتنا من الزراعة إلى الطاقة، ومن وسائل النقل إلى العلاقات الثقافية، ومن الصحة إلى المساعدات التقنية؛ جودةً دوليةً. وتقوم مكاتب العلاقات العامة في كل الوزارات بالقيام بنشاطاتٍ فعالةٍ للغاية مع كل منظمات المجتمع المدني والمنظمات العامة لدينا؛ مثل وكالة التنسيق والتعاون التركي التابع لرئاسة الوزراء تيكا، والخطوط الجوية التركية، ووزارة لم شمل الأتراك والأقارب، ووقف يونس أمره، ورئاسة مديرية الآفات والطوارئ ”AFAD“، والهلال الأحمر التركي للعيش في وئام في كل مناطق العالم.
واليوم تقوم تركية التي صارت نموذجاً في كل المجالات في العالم، بكل مؤسساتها بتلبية احتياجات البلدان المجاورة، وكل ركنٍ من أركان العالم.
قمنا خلال الاثني عشرة سنةً الماضية، بإزالة تأشيرات الدخول لمواطنينا واحداً تلو الآخر. فبينما كان مواطننونا عام 2002 يستطيعون السياحة في 42 دولةً بدون تأشيرة ارتفع هذا العدد اليوم إلى 70 دولةً. بالإضافة إلى أنه في الاتفاقية التي قمنا بتوقيعها مع الاتحاد الأوربي في السنة الماضية بدأت مرحلة  القيام بالسياحة بدون تأشيرةٍ لمواطينيا في بلدان الاتحاد الأوربي.
بينما كنا نعمل على تطوير علاقاتنا الاستراتيجية من خلال الإصلاحات السياسية التي ترفع معاييرنا الديمقراطية، وأدائنا الاقتصادي الذي يوفر لنا معدلات النمو الأعلى بين دول منظمة التعاون والتنمية  OECD، وسياستنا الخارجية الفعالة ذات الأبعاد المتعددة من جانبٍ؛  كنا من جهة أخرى نقوم بمبادرات جديدة على المستوى الإقليمي والعالمي.
لقد تحركنا في هذا السياق من خلال مبدأين أساسيين:
 الأول : اعتمدنا سياسات مبدئيةٍ حاسمةٍ ترتبط بقيمنا وتدرس التطورات العالمية والإقليمية بشكلٍ صحيحٍ وتضع خطواتها اللازمة في الوقت المناسب، وتتجاوز حسابات المصالح الآنية.
الثانية: اتبعنا سياسة خارجية ديناميكية وفعالة تظهر استراتيجيتنا وحلولنا ورؤيتنا الخاصة المستندة إلى الأمة وأنقرة من خلال إعادة تفسير تاريخ تركية وجغرافيتها من منظور متعدد الأبعاد.
وفي هذا الإطار تحسنت علاقات العضوية القائمة أصلاً في البنى السياسية والاقتصادية والأمنية لأوروبا والمحيط الأطلسي ولا سيما حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوربي ، وازدادت عمقاً.
 
منذ اليوم الأول لتسلمنا السلطة اعتمدنا 324 تشريعاً أساسياً و1709 تشريعاً ثانوياً، وذلك لتحقيق الانسجام مع الاتحاد الأوربي. وفي العام الماضي وحده أصدرنا 16 تشريعاً أساسياً و191 تشريعاً ثانوياً، وأنشأنا وزارةً مستقلةً لشؤون الاتحاد الأوربي لتقوم بالتنسيق في مرحلة الانسجام مع أنظمة الاتحاد الأوربي في تركية. وأعلنا أن عام 1014 هو عام الاتحاد الأوربي.
نحن ملتزمون للوصول إلى الزخم المطلوب في محادثات الانضمام إلى الاتحاد الأوربي.  وستواصل تركية مرحلة الإصلاح وتقوم بما يتوجب عليها. ونحن ننتظر من قادة الاتحاد الأوربي في مواجهة  المخاطر الإقليمية المتزايدة والتغيرات العالمية منهم أن يتخلوا عن الموقف السلبي تجاه تركية بأسرع ما يمكن.
وفي الواقع ليست تركية هي نفسها تركية قبل 12 عاماً، وكذلك لم يعد الاتحاد الأوربي على ضوء التغيرات الديناميكية الإقليمية وبعد الأزمات الاقتصادية؛ صاحب التأثير في التغيير كما كان قبل 12عاماً. وفي مناطق الجوار المشتركة للاتحاد الأوربي؛ ازدادت القيمة التي كانت ستجلبها تركية للاتحاد الأوربي بشكلٍ ملحوظٍ.
في مشروع السلام يتعين على الاتحاد الأوربي التغلب على مخاوفهم وعلى الأحكام المسبقة. ولذلك على الاتحاد الأوربي الابتعاد عن المقاربات التي تقصي تركية وتتجاهل منظور عضويتها الكاملة.
ومكافحة فوبيا الإسلام وعداوة الأجانب المتزايدة في الاتحاد الأوربي ، مهم جداً في هذا السياق. 
وبالرغم من كل صعوبات هذه المرحلة فإن هدفنا في المحادثات التي تجري مع الاتحاد الأوربي هي الانضمام إلى العضوية الكاملة. فهدفنا هو تتويج  المائة عام  لجمهوريتنا بالعضوية الكاملة في الاتحاد الأوربي.
وقد قمنا في أعماق آسيا بتطوير علاقاتنا الاستراتيجية مع اليابان والصين وروسيا. وهذا التنوع عنصرٌ أساسيٌّ وطبيعيٌّ في استراتيجية السياسة الخارجية الشاملة التي تؤثر في السلام الدولي.
وقد خلقت سياستنا الخارجية نوعاً من التوازن بين القيم العالمية والمصالح الوطنية. وهذا ما يضمن أن يجعل بلادنا داخلياً وخارجياً ذو تأثيرٍ إيجابيٍّ في التغيير. ويعد الانتماء الإقليمي والتوازن الأمني والحرية والرؤية التعددية والتعاون هي المبادئ الأساسية لسياستنا الخارجية.
يجب أن يكون هدفنا في السياسة الخارجية: تعزيز موقع بلدنا كعنصرٍ محدِّدٍ ومؤسِّسٍ للنظام في المناطق الإقليمية المجاورة، وكعنصرٍ موجِّهٍ فعّالٍ في المجال الدولي.
في رؤيتنا لتركيا الجديدة نطمح إلى سياسةٍ خارجيةٍ واقعيةٍ منفتحةٍ سلميَّةٍ تعتمد أسلوب الحوار .
في تركيا الجديدة سنعمل على مزيدٍ من الاندماج مع العالم، والانفتاح على العالم، ولن يقتصر بعد الآن حدود  أي شخص من رجل الأعمال إلى الطالب، ومن البيروقراطيين إلى المواطنين العاديين، على مدينته ومنطقته، بل سينفتح على العالم كله.
 لا بد أن تعتمد تركيا الجديدة على سياسةٍ خارجيَّةٍ فعالةٍ معتبرةٍ، ومتعددة الأبعاد، وتكفل العدالة .
يجب أن تكون تركيا الجديدة رائدةً وقويةً وكبيرةً.
 
4.2 الرؤية الإقليمية
بعد الحرب الباردة لم تستقر بعدُ؛ الموازين الأمنية والحرية في الشرق الأوسط القريب جغرافياً، والبلقان والقفقاس، وحوض البحر الأسود. ووقوع دولتنا في مركز هذه المنطقة كجزيرة للاستقرار لم يقلل من أهمية رؤيتنا التعاونية، بل زادتها.  ينبغي أن نبذل المزيد من الجهود التي تنصب في اتجاه هدفنا في تعزيز وتطوير الرفاهية والتعددية والديموقراطية في الجوار والإطار المحيط بنا.
نمر في منطقة الشرق الأوسط في الفترة المقبلة  بنقطة تحولٍ حاسمةٍ لتحديد المصير. حيث تعرَّضَت الديموقراطية المزدهرة في المنطقة إلى الانقلاب كما حدث في مصر،  والحرب الأهلية تستمر على نطاقٍ واسعٍ، وتقع سلطة الدولة تحت التهديد المباشر، ويبقى احتمال إعادة رسم الحدود قائماً. وفي هذا السياق، ظهر في المنطقة المنعطف الإقليميّ الذي يزيد من فعالية سياسات الهوية وتعمِّقُ خطوط الصدع العرقية والطائفية، ولا يعمل فيه ديناميكيات التعاون الإقليمي بما فيه الكفاية.  وهكذا نشهد سقوط الوضع الراهن الذي كان قائماً على مدى مئة عامٍ في الشرق الأوسط. وفي هذه المرحلة اتخذنا موقفاً حاسماً باتجاه المبادئ التي ندافع عنها في تركية. فما طلبناه من أجل شعبنا؛ طلبناه من أجل الشعوب الشقيقة أيضاً. ولم نكن نستطيع الصمت، ولم نبق صامتين، تجاه ما يسلب من أيدي  شعب مصر الشقيق، من إرادة الشعب التي تحقق لها لأولِ مرةٍ عبر تاريخ مصر الطويل.
وفي هذه المرحلة التي بدأت بالمطالب الشرعية  للشعوب العربية؛ نرى الآن محاولة جرها إلى طرقٍ مجهولةٍ.  كما أن السياسات الخاطئة والممارسات العنصرية  التي تتبعها السلطات سواء في سورية أو في العراق.
خلقت مرة أخرى أرضيةً مناسبةً لنشاطات الجماعات المتطرفة. والتطورات والحوادث التي وقعت مؤخراً في العراق، والمأساة الإنسانية التي تزداد عمقاً في سورية؛ تؤكد على ضرورة وضع استراتيجيةٍ أكثر شمولاً إزاء ذلك وأضع خطوطاً تحتها.
ومن المهم أن يقوم المجتمع الدولي باتخاذ خطواتٍ ملموسةٍ وسريعةٍ لإنهاء العنف المتصاعد والفظائع التي يرتكبها النظام السوري. وستستمر تركية في بذل الجهود لإيجاد حل سياسيٍّ للمأساة الإنسانية في سورية وفقاً لمطالب الشعب المشروعة.
 وهناك مخاطر انجراف منطقتنا إلى حرب مذهبية عميقة في حال عدم اتخاذ المجتمع الدولي خطواتٍ حازمةٍ. من الممكن منع الطائفية والمذهبية بتعميق التحول الاقتصادي والديموقراطي في المنطقة. على تركية في الفترة المقبلة أن تواصل التضامن مع بلدان المنطقة كلها، والسعي نحو التعاون الإقليمي الديناميكي، وتطوير الرفاهية والتعددية والديموقراطية، ووضع نماذج للمشاركة الجماعية من أجل السلام الدائم في المنطقة.
وفي هذا الصدد علينا أن نواصل دورنا الرائد في المجتمع الدولي. إن الشرق الأوسط لا يحتاج إلى  الانقلابات ولا إلى الطائفية ولا العنف، بل يحتاج إلى الرؤية الديموقراطية وإلى العدالة والمشاركة، وأن يسود المنطقة الديموقراطية والعدالة والحلول والتعددية.
وإن سياسة تركية الخارجية ومنظورها ليس طائفياً، بل منظوراً تعددياً وديموقراطياً. والتعددية تعتبر أحد أهم نجاحاتنا في ميراثنا الحضاري. ولا بد أن نتمسك سلوكاً وروحاً بمبادئ الاحترام والوحدة والتسامح الكامن في الميراث الحضاري الذي مكَّن كل الأديان وكل الجنسيات من العيش كإخوة معاً عبر العصور.
قمنا منذ عام 2002 بالعمل على هدف إيجاد الحلول للأزمات المتجمدة في مناطق الجوار، واتخذنا موقفاً إيجابياً وسنستمر في ذلك. أما بخصوص مشكلة  قبرص، المسألة القومية لدولتنا، فنحن نسير نحو الشعار الذي أطلقناه "خطوة للأمام دائماً".  والدعم الذي قدمناه خاصة في عام 2004 في المرحلة التي تم فيها طرح مشروع الاستفتاء لعنان، كذلك في مرحلة تسوية العلاقات مع الأرمن، والبروتوكولات التي تم التوقيع عليها عام 2009، وأيضاً آليات التعاون التي طورناه مع اليونان، كلها أمثلة عن التقارب.
لم تقتصر مساهماتنا على الاستقرار الإقليمي فحسب، بل كنا رواداً في تنمية العمليات الإقليمية في الجغرافيا القريبة في إطار عقيدتنا كتركية في التعاون وإيجاد الحلول الإقليمية. فبدأنا بعمليات العراق ودول الجوار، و"عملية اسطنبول“ حول أفغانستان، وتركية - أفغانستان - الباكستان، وتركية - البوسنة والهرسك - الصرب، تركية - البوسنة والهرسك - كرواتيا، تركية - إيران - أذربيجان، وتركية - جورجية -أذربيجان،  وتركية – أذربيجان - تركمنستان.
وضع أسُس قواعد السلام الإقليمي الدائم بالإضافة إلى التفاعل الاقتصادي الثنائي أحد القواعد الأساسية لرؤيتنا الإقليمية، وقد وضعنا ضمن هذا المفهوم الأساسي الأولوية للجوار والمناطق المحيطة التي تربطنا بها الروابط التاريخية و الثقافة القوية. والآن استطعنا أن نجعل  الحوار السياسي في أعلى مستوياته حين أنشأنا مجلس التعاون الاستراتيجي عالي المستوى الذي يضم 17 دولةً وتشمل كل  بلدان الجوار.
ومن الناحية الاقتصادية، ارتفعت حصة التجارة الإقليمية ضمن التجارة الخارجية العامة خلال الأعوام الاثنتي عشرة الأخيرة من 8 % إلى 25% . وكذلك ما تم تصديره إلى الشرق الأوسط ودول شمال أفريقية فقد ارتفع إلى عشرة أضعاف، من 5.2 مليار دولار إلى 48 مليار دولار. ووصل ما تعاقد عليه الأتراك في منطقة الشرق الأوسط وحده 68 مليار دولار.
وهذا الأمر لا يقتصر على الشرق الأوسط فقط، بل ارتفع مجموع قيمة التجارة في أوربة الجنوبية الشرقية وفي مناطق البحر الأسود، من 10 مليار دولار إلى 60 مليار دولار خلال السنوات الاثنتي عشرة الأخيرة.
لا بد أن نستمر في السير نحو هدفنا الكامل مع البلاد القريبة جغرافياً كالبلقان و قفقاسيا وآسية الوسطى والشرق الأوسط
ستكون تركيا الجديدة بتحولها السياسي والاقتصادي والاجتماعي دولة ذات  تأثيرٍ كبيرٍ في المنطقة وفي العالم.اقتصادنا الدولي سيكون مركزاً للاقتصاد الإقليمي كلما تكامل مع العالم.
وستكون منطقتنا منطقةً يتحرك فيها رجال الأعمال باستمرارٍ، وتزداد فيها الفعاليات الاقتصادية. وهكذا ستكون التنمية الاقتصادية الإقليمية تعزيزاً للسلام في المنطقة.
 
4.3  العدالة والنظام الدولي
اليوم تعاني البنى السياسية العالمية صعوبةً في حل مشاكل البشرية. فهذه البنى قد تم تأسيسها على أساس التجانس الثقافي. لكن القوى العالمية لم تعد تسمح بذلك. وفي هذه المرحلة اضطر النظام العالمي لانتاج العدالة.
.فمن دون تحقيق العدالة والإنصاف على المستوى العالمي لا يمكن اعتبار أي شخصٍ في أمانٍ ضمن الحدود السياسية الخاصة به.
نحن ناشدنا وما زلنا نناشد بإزالة أعمال الظلم التي تتم ممارستها على العالم، وفي مقدمتها المناطق المحيطة بنا، والقضاء على الممارسات مزدوجة المعايير، والقيام بإصلاحٍ عالميٍ من شأنه أن يعمل بصورةٍ فعالةٍ.
في هذا الإطار، نرى أنه لا بد لمجلس الأمن أن يخضع أولاً لإصلاحٍ حقيقيٍ. فمن غير الممكن أن نترك مجلس الأمن والسلام الدوليين في مجلس هي أمانة بيد توازن قوىً استمرت منذ عشرات العقود، وأن نتركه في يد مجموعة قليلة من القوى تتحكم فيه. يجب أن يتخذ مجلس الأمن وبسرعةٍ طابعاً تمثيلاً أوسع وأكثر تأثيراً.
وبالتالي فالتحول الديمقراطي في النظام العالمي شرطٌ لا بد منه. ويجب أن يستند هذا التحول على العدالة والتعددية والمشاركة.
 لقد عشنا مؤخراً في سورية الأثر السلبي الذي خلّفته العطالة وعدم الاتزان في بنية مجلس الأمن. ومجلس الأمن الدولي هذا لم يتدخل أيضاً في المجازر التي ارتُكبت في بلاد البلقان وبوسنة وسربرنيتسا وتوزلا قبل 20 سنة من يومنا، والتي ذهب ضحيتها مئات الآلاف.
لا يمكن أن يكون للأمم المتحدة بيانٌ مشروعٌ للعجز والظلم الذي تعاني منه اتجاه أعمالٍ وحشيةٍ تحمل صفة الجريمة ضد الإنسانية في سورية اليوم. وما يحدث اليوم في العراق ما هو إلا نتيجة لعدم تدخل المجتمع الدولي في سورية في الوقت المناسب، وبشكلٍ فعالٍ.
في الحقيقة، ليست فقط الأمم المتحدة، بل جميع بنى الإراة العالمية على وجه التقريب ترزح تحت آلام الظلم والجور. لم تعد مؤسسات بريتون وودز كصندوق النقد الدولي الذي يعكس الموازين الاقتصادية للفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية قادرةً على تلبية الاحتياجات. إن تقاسماً اقتصادياً أكثر عدلاً وإنصافاً، وانعكاس العدالة في آليات اتخاذ القرار يجبر المؤسسات الموجودة على الخضوع لإصلاحٍ شاملٍ وتكوين منصاتٍ جديدةٍ.
في هذا الصدد، تم تشكيل مجموعة العشرين G-20 لتناول طرق مكافحة الأزمة العالمية وهي تمثّل بنيةً تعكس الديناميكيات والموازين الاقتصادية الحالية بشكلٍ موضوعيٍ، ويبني العلاقة بين مراكز الانتاج وآليات اتخاذ القرار بشكلٍ منطقيٍ. وبفضل البنية التي تتخذ القرارات الشفافة، تشكّل مجموعة العشرين بدايةً وأمثالاً هامةً من ناحية بُنى الإدارة العالمية التي يحتاج إليها العصر الذي نعيش فيه.
نحن سنستلم الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين في عام 2015، وعلينا أن نعمل لتحمل مسؤولياتٍ أكبر في القضايا العالمية، وعلى رأسها مشاكل التخلف الإنمائي وتوزيع الدخل.
نعتقد أنه من الضروري أن تحتل المواضيع مثل توزيع الدخل العالمي العادل، ومكافحة الفقر مكافحةً فعّالةً، والتنمية المستدامة؛ مكاناً في سلّم أولويات جميع البلدان. وفي هذا السياق، فإن تحمّل تركية التي تدخل ضمن الاقتصاديات المتصاعدة مسؤولياتٍ على المستوى العالمي في موضوع توزيع الرفاه والعدالة الاجتماعية بشكلٍ أكثر تساوياً بالتوازي مع نفوذها المتصاعد في النظام العالمي؛ يحمل أهميةً كبيرةً.   
ونحن باعتبارنا تركية، قد بدأنا في الفترة الأخيرة نلعب دوراً فعالاً في دبلوماسيات التنمية بهذا المفهوم وبوعيٍ منّا بمسؤولياتنا العالمية. في هذا الإطار، جعلنا التعاون وبالأخص مع البلدان الأقل نمواً إحدى أوْلى أهداف سياستنا الخارجية. فمددنا يد العون لهذه البلدان انطلاقاً من المفهوم الذي لا يمكن أن يعتبر الثراء الاقتصادي العالمي المتزايد أخلاقياً وعادلاً بينما يرزحُ قسمٌ كبيرٌ من سكان العالم تحت الفقر.
مضينا إلى أكثر من هذا، ورفعنا بروفيل تركية في مجال مساعدات التنمية والمساعدات الإنسانية أكثر من أي وقتٍ مضى. رفعنا المقدار الإجمالي للمساعدات الخارجية إلى 3.3 مليار دولارٍ بينما كنّا إلى ما قبل 10- 15 سنة بلداً يتلقى مساعداتٍ من الخارج، وذلك من خلال فعاليات وكالة التعاون والتنسيق التركية المتزايدة تدريجياً لتشمل كافة أنحاء العالم، ومن خلال مساهمة المؤسسات والهيئات الأخرى المعنية، فصعدنا إلى المرتبة الأولى في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فيما يتعلق بازدياد سرعة مساعدات التنمية. أما في مجال المساعدات الإنسانية فاستطعنا أن نحوز على لقب رابع أكبر دولةٍ مانحةٍ في العالم.   
بالتوازي مع ازدهار بلدنا كلاعبٍ عالميٍ، يجب علينا أن نقوم بتطبيق سياسات الانفتاح الموجّهة لتأمين الوصول إلى مناطق جغرافيةٍ جديدةٍ. فاليوم  يزداد ظهور تأثير بلدنا تدريجياً؛ من إفريقية إلى المحيط الهادي، ومن أمريكا اللاتينية إلى أوقيانوسيا. من أولوياتنا الأساسية ونحن نزيد من إمكانية الوصول إلى مناطق جغرافيةٍ أوسع أن نطوّر شبكة العلاقات السياسية بما يتوافق مع اكتشاف فرص استثماراتٍ وأسواقٍ جديدةٍ.
من أجل هذا يتم إتباع مقاربةٍ متكاملةٍ بمشاركة جميع المؤسسات والهيئات، وفي مقدمتها وزارة الاقتصاد ووكالة التنسيق والتعاون التركية والخطوط الجوية.
يحتل اليوم بلدنا المرتبة السابعة في العالم من خلال 222 ممثلٍ دبلوماسيٍّ. فهذا العدد الذي وصلنا إليه خلال السنوات الخمس الأخيرة بحملةٍ لم يسبق لها نظيرٌ يظهر بصورةٍ ملموسةٍ منظور السياسة الخارجية لبلدنا. والاهتمام الذي يوليه العالم بتركية قد ازداد. فاسطنبول اليوم تستضيف أكبر عدد من القنصليات العامة في العالم بعد نيويورك.
تركية اليوم بلدٌ قادرٌ على التخطيط في كل مرحلةٍ؛ من المحلية إلى الدولية، ومن الدولية إلى الإقليمية، ومن الإقليمية إلى العالمية، وتكون في المقدمة، وقادرةٌ على وضع الرؤى المستقبلية، وتطوير استراتيجياتٍ على المستوى العالميِّ باعتباره ممثِّلاً فعّالاً في المنصات الدولية من خلال قدراتها وإمكانياتها المتزايدة.
هدفنا في السياسات الخارجية أن يتميز بلدنا كممثلٍ يمكن أن يساهم في جميع القضايا العالمية والإقليمية بشكلٍ يتوافق مع الشروط الجديدة المتكونة.
ليس لدينا أدنى شكٍّ في أن منظورنا هذا سيلقى دعماً من قبل جميع الناس والمجتمعات التي تطالب بالسلام والعدالة والإنصاف.
إن قدر الله لنا وأصبحنا رئيس الجمهورية فسنعزّز بصورةٍ أكبر العلاقة بين المصالح القومية لبلدنا وسعينا وراء العدالة والإنصاف الدولية. لقد أنتجنا سياساتٍ عديدةٍ جداً تتجاوز المناهج التي تُظهر سعينا وراء العدالة والإنصاف الدولية ودفاعنا عن مصالحنا القومية متضادتين.
في الطريق إلى 2023 سنعزّز أكثر مصالحنا القومية وسنحمل سعينا وراء العدالة والإنصاف الدولية إلى نقاطٍ أكثر تقدماً من خلال الحوارات التي سنقيمها مع أصدقائنا وحلفائنا.   

 

Yorum Yaz

Translate

Toplam Görünülenme Sayımız

En Çok Okunanlar

Blogger tarafından desteklenmektedir.

Bizimle İletişim Kur !

Ad

E-posta *

Mesaj *

Copyright © Recep Tayyip Erdoğan Powered by Site Adı